قال (١) : فأبيت يقال فيّ : لا حرج ولا محروم (٢).
وذهب يونس (٣) إلى أنّها استفهامية مبتدأ ، وما بعدها خبرها كقول الخليل إلّا أنّه زعم أنها معلقة (٤) ل «ننزعنّ» ، فهي في محل نصب (٥) ، لأنّه يجوز التعليق في سائر الأفعال (٦) ، ولا يخصه «بأفعال القلوب كما يخصه» (٧) بها الجمهور (٨).
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون النزع واقعا على (٩)(مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ) كقوله : (وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا)(١٠) ، أي : لننزعنّ بعض كل شيعة ، فكأنّ قائلا قال : من هم؟ فقيل : أيهم أشدّ عتيّا (١١).
فجعل «أيّهم» موصولة أيضا ، ولكن هي في قوله خبر مبتدأ محذوف أي : هم الذين هم أشد. قال أبو حيان : وهذا تكلف ما لا حاجة إليه ، وادعاء إضمار غير محتاج إليه ،
__________________
ـ الشابة. الحرج ـ بفتح الحاء وكسر الراء ـ : المضيق عليه. المحروم : الممنوع مما يريده.
والبيت أتى به الخليل لتقوية ما ذهب إليه في تخريج الآية ، فإن قوله (لا حرج ولا محروم) مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف ليس ضمير المتكلم ، والجملة محكية بقول محذوف ، والتقدير : فأبيت مقولا في شأني : هو لا حرج ولا محروم.
(١) في ب : قال تقديره.
(٢) قال سيبويه : وزعم الخليل أنّ (أيّهم) إنما وقع في : اضرب أيّهم أفضل على أنّه حكاية ، كأنه قال : اضرب الذي يقال له أيّهم أفضل ، وشبهه بقول الأخطل :
ولقد أبيت من الفتاة بمنزل |
|
فأبيت لا حرج ولا محروم |
الكتاب ٢ / ٣٩٩. وانظر الإنصاف ٢ / ٧١٠ ـ ٧١١.
(٣) تقدم.
(٤) التعليق : هو إبطال العمل لفظا لا محلّا. شرح الأشموني ٢ / ٢٦.
(٥) قال سيبويه : (وأما يونس فيزعم أنّه بمنزلة قولك : أشهد أنّك لرسول الله. واضرب معلقة) الكتاب ٢ / ٤٠٠ ، وانظر الإنصاف ٢ / ٧١١.
(٦) أي أنّ يونس يرى أنّ التعليق غير مختص بأفعال القلوب فقط ، بل يكون فيها وفي غيرها نحو أضرب أيّهم أفضل ، على تعليق العامل. وما ذهب إليه يونس ضعيف. لأنّ التعليق ضرب من الإلغاء ، ولا يجوز أن يعلق من الأفعال عن العمل إلّا ما يجوز إلغاؤه ، والذي يجوز إلغاؤه أفعال القلب نحو ظننت ، وعلمت. شرح المفصل ٣ / ١٤٦.
(٧) ما بين القوسين مكرر في ب.
(٨) ضعّف سيبويه ما ذهب إليه الخليل ويونس ، لأن القول بالحكاية ـ وهو ما ذهب إليه الخليل ـ بعيد في اختيار الكلام ، وإنما يجوز مثله في الشعر ، ألا ترى أنّه لو جاز مثل هذا لجاز أن يقال : اضرب الفاسق الخبيث بالرفع أي : اضرب الذي يقال له : الفاسق الخبيث ، ولا خلاف أن هذا لا يقال بالإجماع. وأما القول بالتعليق وهو ما ذهب إليه يونس فضعيف ، لأنّ تعليق اضرب ونحوه من الأفعال لا يجوز ، لأنه فعل مؤثر فلا يجوز إلغاؤه ، وإنما يجوز أن تعلق أفعال القلوب ، الكتاب ٢ / ٤٠١ ، الإنصاف ٢ / ٧٠٦.
(٩) على : سقط من ب.
(١٠) [مريم : ٥٠].
(١١) الكشاف ٢ / ٤١٩.