التراب والحجارة (١) ، وفي صحته عنه نظر من حيث إنّ فعله لا يجمع على فعول. ويجوز في «جثيّا» أن يكون مصدرا على فعول (٢) ، وأصله كما تقدم في حال كونه جمعا ، إمّا جثوو ، وإمّا جثوي (٣).
وقد تقدم أنّ الأخوين (٤) يكسران فاءه ، والباقون يضمونها (٥).
والجثوّ : القعود على الركب (٦).
قوله : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ) أي : ليخرجن من كل أمة وأهل دين (٧) من الكفار والشيعة(٨) فعلة كفرقة : ومنه الطائفة التي شاعت ، أي : تبعت غاويا من الغواة.
قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً)(٩)(١٠). والمعنى (١١) : أنه ـ تعالى ـ يحضرهم أولا (١٢) حول جهنم ، ثم يميز البعض من البعض ، فمن كان منهم أشد (١٣) تمردا في (١٤) كفره خص بعذاب عظيم ، لأنّ عذاب الضال المضل يجب أن يكون فوق عذاب من يضل تبعا لغيره ، وليس عذاب من يتمرد ويتجبر كعذاب المقلد ، ومعنى الآية : أنه ينزع من كل فرقة من كان أشد عتيا وتمردا ليعلم (١٥) أنّ عذابه أشد وفائدة هذا التمييز التخصيص «بشدة العذاب لا التخصيص» (١٦) بأصل العذاب ، فلذلك قال في جميعهم: (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا)(١٧) ولا يقال (١٨) : «أولى» إلا مع اشتراكهم في العذاب (١٩).
قوله : (أَيُّهُمْ أَشَدُّ) فيه أقوال كثيرة ، أظهرها عند جمهور المعربين ، وهو مذهب سيبويه (٢٠) : أنّ «أيّهم» موصولة بمعنى «الذي» ، وأنّ حركتها حركة بناء ، بنيت عند سيبويه لخروجها عن النظائر (٢١).
__________________
(١) البحر المحيط ٦ / ٢٠٨.
(٢) مشكل إعراب القرآن ٢ / ٦٠ ، البيان ٢ / ١٣٠.
(٣) أي : أنه قد تكون لامه واوا أو ياء ، فاذا كانت لامه واوا جاز الإعلال والتصحيح ، والغالب التصحيح لخفة المفرد. شرح الشافية ٣ / ١٧١ ، شرح الأشموني ٤ / ٣٢٧.
(٤) في الأصل : الأخوان. والأخوان هما : حمزة والكسائي.
(٥) السبعة : (٤٠٧). الحجة لابن خالويه (٢٣٥) الكشف ٢ / ٨٤ ، النشر ٢ / ٣١٧ ، الإتحاف (٢٩٨). فمن قرأ بكسر الجيم يتبع الكسر الكسر طلبا للمجانسة ، والخفة ، ومن قرأ بالضم فعلى الأصل الكشف ٢ / ٨٤ ـ ٨٥ ، البيان ٢ / ١٣٠.
(٦) اللسان (جثا).
(٧) في ب : دار.
(٨) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٤٣.
(٩) في ب : فارقوا. وهي قراءة حمزة والكسائي. السبعة (٢٧٤).
(١٠) [الأنعام : ١٥٩].
(١١) في ب : فصل والمعنى.
(١٢) أولا : سقط من ب.
(١٣) في ب : أشدهم.
(١٤) في ب : إلى. وهو تحريف.
(١٥) في ب : فيعلم.
(١٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٧) [مريم : ٧٠].
(١٨) في ب : أولى يقال. وهو تحريف.
(١٩) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٤٣.
(٢٠) تقدم.
(٢١) انظر الكتاب ٢ / ٤٠٠.