قال أبو حيان : وما ذكر من أن اللام (١) تعطي «معنى» (٢) الحال مخالف فيه (٣) ، فعلى مذهب من لا يرى ذلك (٤) يسقط (٥) السؤال ، وأما قوله : كما أخلصت الهمزة. فليس ذلك إلّا على مذهب من يزعم أن أصله : إله (٦) ، وأما من يزعم أن (٧) أصله : لاه. فلا تكون الهمزة فيه للتعويض «إذ لم يحذف منه شيء ، ولو قلنا : إنّ أصله إله ، وحذفت فاء الكلمة لم يتعين أن الهمزة فيه في النداء للتعويض» (٨) ، إذ لو كانت عوضا من المحذوف لثبتت دائما في النداء وغيره ، ولما جاز حذفها في النداء ، قالوا : يا لله بحذفها (٩) ، وقد نصوا على أن «قطع» (١٠) همزة الوصل في النداء شاذ (١١).
__________________
(١) في ب : من معنى اللام.
(٢) معنى : تكملة من البحر المحيط.
(٣) لام الابتداء الداخلة على الفعل المضارع من الأمور المختلف في دلالتها ، فذهب الكوفيون إلى أنها تقصر الفعل على الحال بعد أن كان مبهما ، ولذلك لا يجوزون اجتماع لام الابتداء مع حرف التنفيس ، للتناقض ، فلا تقول : إن محمدا لسوف يقوم. وذهب البصريون إلى أنها لا تقصره على الحال ، بل هو مبهم ، لأنّ اللام عندهم باقية على إفادة التوكيد ، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى : «وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ» [النحل : ١٢٤] ، فيجوزون اجتماع اللام مع سوف لقوله تعالى : «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ» [الضحى : ٥] ، فيجوز عندهم إن محمّدا لسوف يقوم. ابن يعيش ٩ / ٢٦ ، شرح الكافية ٢ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧.
(٤) وهو مذهب البصريين.
(٥) في ب : لسقط.
(٦) أي أنّ أصل لفظ الجلالة على هذا المذهب (إلاه) على وزن فعال بمعنى مفعول لأنه مألوه ، أي : معبود ، ثم دخلت عله (ال) ، فصار (الإلاه) ، ثم حذف الهمزة بعد نقل حركتها إلى اللام قبلها ، فصار (اللاه) بكسر لام التعريف ، ثم سكنت لام التعريف ، وأدغمت في اللام الثانية ، وفخمت تعظيما.
فلما كثر استعمال لفظ الجلالة ، وكانت (ال) عوضا من المحذوف صارتا كحرف من حروفه ، وجاز نداؤه ، وإن كانت فيه (ال).
الكتاب ٢ / ١٩٥ ، ابن يعيش ٢ / ٩.
(٧) في ب : رغم أنه.
(٨) ما بين القوسين تكملة من البحر المحيط.
(٩) عند نداء لفظ الجلالة تقول : يا الله. باثبات الألفين ، ألف (يا) وألف (الله) ، ويلله ، بحذفهما معا ، ويالله بحذف الثانية فقط وإبقاء الأولى.
والأكثر حذف حرف النداء (يا) وتعوض عنه الميم المشددة ، فتقول : اللهم بحذف حرف النداء وزيادة الميم في آخره ، ولم تزد مكان المعوض منه ، لئلا يجتمع زيادتا الميم و(ال) في الأول ، وخصّت الميم بذلك ، لأنّ الميم عهدت زيادتها آخرا كميم زرقم.
شرح التصريح ١ / ١٧٢.
(١٠) قطع : تكملة من البحر المحيط.
(١١) البحر المحيط ٦ / ٢٠٧.
لم أجد من قال بشذوذ قطع همزة الوصل في النداء مطلقا فيما وصلت إليه يدي من مراجع.