وهو بعيد جدا لتنافر التركيب ، وهو التعقيد عند علماء البيان (١).
قوله : (يا وَيْلَنا) معمول لقول محذوف ، أي : يقولون يا ويلنا (٢). وفي هذا القول المحذوف وجهان :
أحدهما : أنه جواب (حَتَّى إِذا) كما تقدم (٣).
والثاني : في محل نصب على الحال من (الَّذِينَ كَفَرُوا) قاله الزمخشري (٤).
قوله : (قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) يعني في الدنيا حيث كذبناه وقلنا (٥) : إنه غير كائن ، بل كنا ظالمين أنفسنا بتلك الغفلة وتكذيب محمد ، وعبادة الأوثان (٦).
قوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (٩٨) لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ)(١٠٠)
قوله : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) أتى هنا ب «ما» وهي لغير العقلاء ، لأنه متى اختلط العاقل بغيره يخيّر الناطق بين (ما) ، و(من) (٧).
وقرأ العامة : «حصب» بالمهملتين والصاد مفتوحة ، وهو ما يحصب أي : يرمى في النار ولا يقال له حصب إلا وهو في النار ، فأما قبل ذلك فهو حطب وشجر وغير ذلك (٨).
وقيل : يقال له حصب قبل الإلقاء في النار. قيل : هو الحطب بلغة أهل اليمن (٩).
وقال عكرمة : هو الحطب بالحبشية (١٠). وقرأ ابن السميفع وابن أبي عبلة ورويت عن ابن كثير بسكون الصاد (١١) ، وهو مصدر ، فيجوز أن يكون واقعا موقع المفعول (١٢) ،
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٤٠.
(٢) انظر الكشاف ٣ / ٢١ ، التبيان ٢ / ٩٢٨ ، البحر المحيط ٦ / ٣٤٠.
(٣) تقدم قريبا.
(٤) الكشاف ٣ / ٢١.
(٥) في الأصل : وقد قلنا.
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٢٢.
(٧) وذلك أن (من) الموصولة الأصل فيها أن تكون للعاقل نحو «وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ» والأصل في (ما) أن تكون لغير العاقل نحو«ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ» [النحل : ٩٦] وإذا اختلط العاقل بغيره فقد يعبر بمن نحو«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ» [الحج : ١٨]. وقد يعبر عنه بما نحو «سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» [الحشر : ١] و[الصف : ١] هذا إذا كان المقصود بقوله : «وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ» الأصنام وغيرهم من المسيح وعزير. أما إذا كان المقصود الأصنام فقط ف (ما) على أصلها. انظر شرح التصريح ١ / ١٣٣ ـ ١٣٤.
(٨) انظر اللسان (حصب) والبحر المحيط ٦ / ٣٤٠ ، الإتحاف ٣١٢.
(٩) وهو قول الفراء. معاني القرآن ٢ / ٢١٢.
(١٠) انظر البغوي ٥ / ٥٣٥.
(١١) المحتسب ٢ / ٦٦ ، البحر المحيط ٦ / ٣٤٠.
(١٢) انظر المحتسب ٢ / ٦٧ ، التبيان ٢ / ٩٢٨ ، البحر المحيط ٦ / ٣٤٠.