فيهم لقاتلتهم على كفرهم ، وقيل : «أن لا تتّبعني» أي : ما منعك من اللحوق بي وإخباري (١) بضلالهم فتكون مفارقتك إياهم زجرا (٢) لهم عما أتوا (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي)(٣).
فصل
تمسك الطاعنون (٤) في عصمة الأنبياء عليهمالسلام (٥) بهذه الآية من وجوه :
أحدها (٦) : أنّ موسى ـ عليهالسلام (٧) ـ إما أن يكون قد أمر (٨) هارون باتباعه (٩) أو لم يأمره ، فإن أمره ، فإما (١٠) أن يكون هارون قد اتبعه أو لم يتبعه ، فإن اتبعه كان كلام موسى لهارون معصية وذنبا ، لأن ملامة غير المجرم معصية.
وإن لم يتبعه كان هارون تاركا للواجب فكان (١١) فاعلا للمعصية ، وإن قلنا : إن موسى ما أمره باتباعه كانت ملامته إيّاه بترك (١٢) الاتباع معصية ، وعلى جميع التقديرات يلزم إسناد المعصية إما إلى موسى أو إلى هارون (١٣).
وثانيها (١٤) : قول موسى (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) استفهام على سبيل الإنكار ، فوجب أن يكون هارون قد عصاه ، وأن يكون ذلك العصيان منكرا ، وإلا كان موسى كاذبا ، وهو معصية ، وإذا فعل هارون (١٥) ذلك فقد فعل المعصية.
ثالثها (١٦) : قوله : (يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) وهذا معصية ، لأن هارون ـ عليهالسلام (١٧) ـ قد فعل ما قدر عليه ، فكان الأخذ بلحيته وبرأسه (١٨) معصية ، وإن فعل ذلك قبل تعرف الحال كان ذلك معصية.
ورابعها (١٩) : أن هارون قال : (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) ، فإن (٢٠) كان الأخذ بلحيته ورأسه جائزا (٢١) كان قول (٢٢) هارون (لا تَأْخُذْ)(٢٣) منعا له عما كان له أن يفعله (٢٤) ، فيكون ذلك القول معصية. وإن لم يكن ذلك الأخذ جائزا كان موسى ـ عليهالسلام (٢٥) ـ فاعلا للمعصية.
__________________
(١) في ب : وأخبارهم. وهو تحريف.
(٢) في ب : وزجرا. وهو تحريف.
(٣) انظر البغوي ٥ / ٤٥٣.
(٤) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٥) عليهمالسلام : سقط من ب.
(٦) في ب : الأول.
(٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٨) أمر : سقط من الأصل.
(٩) في ب : باتباعنا. وهو تحريف.
(١٠) في ب : أما.
(١١) في ب : وكان.
(١٢) في ب : بتركه.
(١٣) في ب : فرعون. وهو تحريف.
(١٤) في ب : الثاني.
(١٥) في ب : بهارون. وهو تحريف.
(١٦) في ب : الثالث.
(١٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٨) في ب : برأسه وبلحيته.
(١٩) في ب : الرابع.
(٢٠) في ب : وإن.
(٢١) في ب : جائز. وهو تحريف.
(٢٢) قول : سقط من الأصل.
(٢٣) لا تأخذ : سقط من ب.
(٢٤) في ب : يفعل.
(٢٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.