الأغذية ، والغذاء إما حيواني أو نباتي ، والحيواني ينتهي إلى النباتي ، والنبات إنما يحدث (١) من امتزاج الماء والتراب ، فصح أنه سبحانه خلقنا منها ، وذلك لا ينافي كوننا مخلوقين من النطفة.
الثالث : روى ابن مسعود أن ملك الأرحام يأتي إلى الرّحيم حين يكتب أجل المولود ورزقه ، والأرض التي يدفن فيها ، وأنه يأخذ من تراب تلك البقعة وينثره على النطفة ، ثم يدخلها في الرحم (٢). ثم قال : (وَفِيها نُعِيدُكُمْ) أي عند الموت (٣) ، (وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) عند (٤) البعث.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى (٥٦) قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً (٥٨) قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى)(٥٩)
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا) الآية. هذه الرؤية (٥) بصرية فلما دخلت همزة النقل تعدت بها إلى اثنين أولهما الهاء (٦) والثاني «آياتنا» (٧). والمعنى : أبصرناه (٨) ، والإضافة هنا (٩) قائمة مقام التعريف العهدي ، أي (١٠) : الآيات المعروفة كالعصا (١١) واليد ونحوهما (١٢). وإلا فلم ير (١٣) الله تعالى فرعون جميع آياته.
وجوّز الزمخشري أن يراد بها الآيات على العموم (١٤) ، بمعنى أن موسى ـ عليهالسلام (١٥) ـ أراه الآية (١٦) التي بعث بها وعدد عليه الآيات التي جاءت بها الرسل قبله عليهمالسلام (١٧) وهو نبيّ (١٨) صادق لا فرق (١٩) بين ما يخبر عنه وبين ما يشاهد به (٢٠).
قال أبو حيان : وفيه بعد ، لأن الإخبار بالشيء لا يسمّى رؤية له إلا بمجاز بعيد (٢١)
__________________
(١) في ب : ينتهي. وهو تحريف.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٦٩ ـ ٧٠.
(٣) في ب : عند الموت والدفن.
(٤) في ب : يوم وهو تحريف.
(٥) في الأصل : الآرائه. وهو تحريف.
(٦) في ب : النهى. وهو تحريف.
(٧) في ب : آيات. وهو تحريف.
(٨) في ب : أبصرنا. وهو تحريف.
(٩) في ب : ههنا.
(١٠) في ب : في. وهو تحريف.
(١١) في ب : في العصا. وهو تحريف.
(١٢) الكشاف ٢ / ٤٣٧.
(١٣) في الأصل : يرى.
(١٤) ف ب : أن يراد بها العموم على الإطلاق. وهو تحريف.
(١٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٦) في ب : الآيات. وهو تحريف.
(١٧) في ب : عليهم الصلاة والسلام.
(١٨) في ب : بين. وهو تحريف.
(١٩) في ب : لا جرم فرق. وهو تحريف.
(٢٠) قال الزمخشري : (والثاني أن يكون موسى قد أراه آياته ، وعدّد عليه ما أوتيه غيره من الأنبياء من آياتهم ومعجزاتهم ، وهو نبي صادق لا فرق بين ما يخبر عنه وبين ما يشاهد به) الكشاف ٢ / ٤٣٧.
(٢١) البحر المحيط ٦ / ٢٥٢.