فصل
قال المفسرون : مدّ له الرحمن ، أي : أمهله ، وأملى له في الأمر ، فأخرج على لفظ الأمر ومعناه الخبر ، أي : يدعه في طغيانه ، ويمهله في كفره (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ) وهو الأسر ، والقتل في الدنيا ، و«إمّا السّاعة» يعنى القيامة ، فيدخلون النار (١).
وقوله (٢) : (وَإِمَّا)(٣)(السَّاعَةَ)(٤) يدلّ على أنّ المراد بالعذاب عذاب يحصل قبل (٥) يوم القيامة ، فيحتمل أن يكون المراد به الأسر والقتل كما تقدم ، ويحتمل أن يكون عذاب القبر ، ويمكن أن يكون تغير أحوالهم من العز إلى الذّل ، ومن الغنى إلى الفقر ، ومن الصحة إلى المرض ، ومن الأمن إلى الخوف (٦). «فسيعلمون» عند ذلك (مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً) منزلا ، (وَأَضْعَفُ جُنْداً) أقل ناصرا ، لأنّهم في النار والمؤمنون في الجنة ، وهذا ردّ عليهم في قولهم : (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا).
قوله : (وَيَزِيدُ اللهُ)(٧) في هذه الجملة وجهان :
أحدهما : أنّها لا محل لها ، لاستئنافها ، فإنها سيقت للإخبار بذلك.
وقال (٨) الزمخشري : إنّها معطوفة على موضع «فليمدد» ، لأنه واقع موقع الخبر ، تقديره من كل في الضلالة يمدّ له الرحمن مدّا ويزيد ، أي : في ضلالهم بذلك المدّ (٩).
قال أبو حيان : ولا يصح أن يكون «ويزيد» معطوفا على «فليمدد» (١٠) سواء كان دعاء أو خبرا بصورة الأمر ؛ لأنه في موضع الخبر إن كانت «من» موصولة ، أو في موضع الجواب إن كانت «من» (١١) شرطية ، وعلى كلا التقديرين (١٢) فالجملة من قوله (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) عارية من ضمير يعود على «من» يربط (١٣) جملة الخبر بالمبتدأ ، أو (١٤) جملة الشرط بالجزاء ، «الذي هو «فليمدد» ، وما عطف عليه ، لأن المعطوف على الخبر خبر ، والمعطوف على جملة الجزاء» (١٥) جزاء ، وإذا كانت أداة الشرط اسما لا ظرفا تعيّن أن يكون في جملة الجزاء ضميره (١٦) أو ما يقوم مقامه ، وكذا في الجملة المعطوفة عليها (١٧).
__________________
(١) انظر البغوي ٥ / ٣٩٦.
(٢) في ب : وأما قوله.
(٣) في ب : إمّا.
(٤) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٤٨.
(٥) قبل : سقط من ب.
(٦) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٤٨.
(٧) في ب : «وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً».
(٨) وقال : سقط من ب.
(٩) الكشاف ٢ / ٤٢١.
(١٠) في ب : يمدّ.
(١١) من : سقط من ب.
(١٢) في ب : القولين. وهو تحريف.
(١٣) في ب : يزيد. وهو تحريف.
(١٤) في ب : و.
(١٥) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٦) في ب : وضميره.
(١٧) البحر المحيط ٦ / ٢١٢.