ممدود لهم. ثم ذكر كلاما كثيرا (١) ، ثم قال (٢) : إلى أن يعاينوا نصرة الله المؤمنين ، أو يشاهدوا (٣) الساعة ومقدماتها ، فإن قلت (٤) : «حتّى» هذه ما هي؟ قلت (٥) : هي التي تحكى بعدها الجمل ، ألا ترى أنّ الجملة الشرطية واقعة بعدها ، وهي (إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ)(٦) قال أبو حيان : مستبعدا الوجه (٧) الأول ، وهو في غاية البعد ، لطول الفصل بين قوله (٨) : (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ) وبين الغاية ، وفيه الفصل بجملتي اعتراض ، ولا يجيزه أبو علي (٩). وهذا (١٠) الاستبعاد قريب (١١).
وقال (١٢) أبو البقاء : «حتّى» تحكي ما بعدها ههنا ، وليست متعلقة بفعل (١٣).
قوله : (إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ) تقدم الكلام في «إمّا» من كونها حرف عطف أو لا (١٤) ، ولا خلاف أنّ أحد معانيها التفصيل كما في الآية الكريمة.
و«العذاب» و«السّاعة» بدلا من قوله : (ما يُوعَدُونَ) المنصوبة ب «رأوا» (١٥) ، و«فسيعلمون» جواب الشرط (١٦). (مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً) يجوز أن تكون «من» موصولة بمعنى «الّذي» ، ويكون مفعولا ل «يعلمون» (١٧) ويجوز أن تكون استفهامية في محل رفع بالابتداء ، و«هو» مبتدأ ثان ، و«شرّ» خبره ، والمبتدأ والخبر خبر الأول ، ويجوز أن تكون الجملة معلقة لفعل الرؤية ، فالجملة في محل نصب على التعليق.
__________________
(١) في ب : طويلا. وهو قوله : (في ضلالتهم ، والخذلان لاصق بهم ، لعلم الله بهم ، وبأنّ الألطاف لا تنفع فيهم ، وليسوا من أهلها ، والمراد بالضلالة ما دعاهم من جهلهم وغلوهم في كفرهم إلى القول الذي قالوه ، ولا ينفكون عن ضلالتهم).
(٢) أي الزمخشري.
(٣) في ب : يشاهدون. وهو تحريف.
(٤) في ب : فإن قيل.
(٥) في ب : قلنا.
(٦) الكشاف ٢ / ٤٢١.
(٧) في ب : القول.
(٨) في الأصل : قوله قالوا. وهو تحريف.
(٩) البحر المحيط ٦ / ٢١٢. وذلك أنّ أبا عليّ زعم أنه لا يعترض بأكثر من جملة وغيره يجوز الاعتراض بأكثر من جملتين. المغني ٢ / ٣٩٤.
(١٠) في ب : وعلى هذا.
(١١) في ب : فوجب. وهو تحريف.
(١٢) في ب : قال.
(١٣) التبيان ٢ / ٨٨٠.
(١٤) ذهب بعض النحويين إلى أنّ (إمّا) الثانية بمنزلة (أو) في العطف والمعنى ، أمّا (إمّا) الأولى فلا يجوز أن تكون حرف عطف ، لأن حرف العطف لا يبدأ به ، ولمباشرتها للعامل نحو قام إمّا زيد وإمّا خالد.
وذهب يونس والفارسي وابن كيسان وابن برهان وابن مالك إلى أنّ (إمّا) الثانية غير عاطفة كالأولى لملازمتها غالبا الواو العاطفة. وادعى ابن عصفور الإجماع على كونها غير عاطفة.
ولكن النحويين لمّا رأوا إعراب ما بعدها كإعراب ما قبلها ذكروها مع حروف العطف تقريبا واتساعا.
ابن يعيش ٨ / ١٠٣ ، المغني ١ / ٥٩ ـ ٦٠ ، الهمع ٢ / ١٣٥ ، شرح الأشموني ٣ / ١٠٩.
(١٥) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٦٣ ، البيان ٢ / ١٣٥ ، التبيان ٢ / ٨٨٠ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٢.
(١٦) البيان ٢ / ١٣٥ ، التبيان ٢ / ٨٨٠.
(١٧) التبيان ٢ / ٨٨٠.