والنّفش : الرعي بالليل. قاله ابن السكيت (١) ، وهو قول جمهور المفسرين. والنّفش : الانتشار ، ومنه (كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ)(٢) ونفشت الماشية أي : رعت ليلا بغير راع ، عكس الهمل وهو رعيها نهارا بلا راع(٣). وعن الحسن : أنّ النفش هو الرعي بلا راع ليلا كان أو نهارا.
قوله : (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) في الضمير المضاف إليه «حكم» أوجه :
أحدها : أنه ضمير جمع يراد به المثنى ، وإنما وقع الجمع موقع التثنية مجازا ، أو لأن التثنية جمع وأقل الجمع اثنان ، ويدل على أنّ المراد التثنية قراءة ابن عباس «لحكمهما» (٤) بصيغة التثنية (٥).
الثاني : أنّ المصدر مضاف للحاكمين والمحكوم له والمحكوم عليه ، فهؤلاء جماعة (٦).
وهذا يلزم منه إضافة المصدر لفاعله ومفعوله دفعة واحدة ، وهو إنما يضاف لأحدهما فقط. وفيه الجمع (٧) بين الحقيقة والمجاز ، فإن الحقيقة إضافة المصدر لفاعله ، والمجاز إضافته لمفعوله.
الثالث : أنّ هذا مصدر لا يراد به الدلالة على علاج ، بل جيء به للدلالة على أنّ هذا الحدث وقع وصدر كقولهم : له ذكاء ذكاء الحكماء ، وفهم فهم الأذكياء فلا ينحل بحرف (٨) مصدري وفعل ، وإذا كان كذلك فهو مضاف في المعنى للحاكم والمحكوم له والمحكوم عليه (٩) ، ويندفع المحذوران المذكوران (١٠).
قوله : «ففهّمناها». قرأ العامة «ففهّمناها» بالتضعيف الذي للتعدية ، والضمير للمسألة أو للفتيا (١١).
وقرأ عكرمة : «فأفهمناها» بالهمزة (١٢) عداه بالهمزة كما عدّاه العامة بالتضعيف (١٣).
__________________
(١) إصلاح المنطق (٤١)
(٢) من قوله تعالى : «وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ» [القارعة : ٥].
(٣) اللسان (نفش ، همل).
(٤) في ب : كحكمهما. وهو تحريف.
(٥) انظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٠٨ ، الكشاف ٣ / ١٧ ، البيان ٢ / ١٦٣ ، التبيان ٢ / ٩٢٣ ، البحر المحيط ٦ / ٣٣١.
(٦) انظر البيان ٢ / ١٦٣ ، التبيان ٢ / ٩٢٣.
(٧) في الأصل : الفرق. وهو تحريف.
(٨) في الأصل : الحرف.
(٩) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٣٠ ـ ٣٣١.
(١٠) في الوجه الثاني.
(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٣٠.
(١٢) في ب : بالهمز. المختصر (٩٢) ، البحر المحيط ٦ / ٣٣٠.
(١٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٣٠.