(وقال ابن عباس : المعنى : من يمنعكم من عذاب الرحمن (١).
وقرأ الزهري وابن القعقاع (٢) «يكلوكم» بضمة خفية دون همز (٣).
وحكى الكسائي والفراء «يكلوكم» بفتح اللام وسكون الواو (٤).
قال شهاب الدين : ولم أعرفها قراءة. وهو قريب من لغة من يخفف أكلت الكلأ على الكلو وقفا (٥) إلا أنه أجرى الوصل مجرى الوقف (٦)) (٧).
قوله : (مِنَ الرَّحْمنِ) متعلق ب «يكلؤكم» على حذف مضاف أي من أمر الرحمن أو بأسه كقوله : (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ)(٨)(٩). و«باللّيل» بمعنى في الليل (١٠) ، وإنما ذكر الليل والنهار ، لأن لكل واحد من الوقتين آفات تختص به ، والمعنى : من يحفظكم بالليل إذا نمتم وبالنهار إذا تصرفتم في (١١) معاشكم (١٢).
وخص هاهنا اسم الرحمن بالذكر تلقينا للجواب حتى يقول العاقل أنت الكالىء يا إلهنا لكل الخلائق برحمتك كما في قوله : (ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)(١٣). فخص اسم الكريم تلقينا (١٤). قوله : «بل هم» إضراب عما تضمنه الكلام الأول من النفي ، إذ التقدير : ليس لهم كالىء ولا مانع غير الرحمن (١٥). والمراد ب (ذِكْرِ رَبِّهِمْ) القرآن ومواعظ الله «معرضون» لا يتأملون في شيء منها ليعرفوا أنه لا كالىء لهم سواه ، ويتركوا عبادة الأصنام التي لا تحفظهم ولا تنعم عليهم (١٦).
قوله : (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ) «أم» منقطعة (١٧) ، أي بل ألهم (١٨)؟ فالميم صلة والمعنى : ألهم آلهة تمنعهم ، وقد تقدم ما فيها (١٩).
وقوله : (مِنْ دُونِنا) فيه وجهان :
__________________
(١) انظر البغوي ٥ / ٤٨٨.
(٢) تقدم.
(٣) أي : أن الهمزة صارت بين الهمزة والواو الساكنة ، وذلك أن الهمزة إذا كانت مضمومة وقبلها فتحة صارت بين الهمزة والواو الساكنة. انظر الكتاب ٣ / ٥٤٢ ، البحر المحيط ٦ / ٣١٤.
(٤) انظر معاني القرآن ٢ / ٢٠٤ ، والبحر المحيط ٦ / ٣١٤.
(٥) حكى سيبويه في آخر الكلمة أن من العرب من يقول : هذا هو الكلو ، حرصا على البيان ، كما قالوا : الوثو. انظر الكتاب ٤ / ١٧٨ ـ ١٧٩.
(٦) الدر المصون ٥ / ٥٠.
(٧) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(٨) [الرعد : ١١].
(٩) انظر التبيان ٢ / ٩١٨.
(١٠) أي : أن الباء بمعنى الظرفية.
(١١) في ب : و.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٧٤.
(١٣) من قوله تعالى «يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ» [الانفطار : ٦].
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٧٤.
(١٥) قاله ابن عطية. تفسير ابن عطية ١٠ / ١٥٤.
(١٦) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٧٤.
(١٧) وهي للإضراب المتضمن معه استفهاما إنكاريا.
(١٨) في ب : بل لهم. وهو تحريف.
(١٩) في هذه السورة.