ـ عليهالسلام ـ ليلة المعراج ساقطا كالحلس (١) من خشية الله» (٢).
قوله : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ).
قال قتادة : عنى إبليس حيث دعا إلى عبادة نفسه وأمر بطاعة نفسه فإن أحدا من الملائكة لم يقل إني إله من دون الله (٣).
والآية لا تدل على أنهم قالوا ذلك أو ما قالوه ، وهذا قريب (٤) من قوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)(٥) قوله : (فَذلِكَ نَجْزِيهِ) يجوز في «ذلك» وجهان :
أحدهما : أنه مرفوع بالابتداء (٦) ، وهذا وجه حسن.
والثاني : أنه منصوب بفعل مقدر يفسره هذا الظاهر (٧) ، والمسألة من باب الاشتغال ، وفي هذا الوجه إضمار عامل مع الاستغناء عنه ، فهو مرجوح (٨).
والفاء وما في حيزها في موضع جزم جوابا للشرط (٩).
و«كذلك» نعت لمصدر محذوف ، أو حال من ضمير المصدر أي جزاء مثل ذلك الجزاء ، أو نجزي (١٠) الجزاء حال كونه مثل ذلك (١١).
وقرأ العامة «نجزيه» بفتح النون ، وأبو عبد الرحمن المقرىء (١٢) بضمها (١٣) ، ووجهها أنه من أجزأ بالهمز من أجزأني (١٤) كذا ، أي : كفاني ، ثم خففت الهمزة فانقلبت إلى الياء (١٥).
__________________
(١) في الأصل : كالجالس. وفي ب : جالسا كالساقط.
(٢) انظر الفائق ١ / ٣٠٥ ، الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف (١١٠) ويشبه به الذي لا يبرح منزله فيقال : هو حلس بيته.
(٣) انظر البغوي ٥ / ٤٨٢.
(٤) في الأصل : أقرب.
(٥) من قوله تعالى : «وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ» [الزمر : ٦٥] وانظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٦٠.
(٦) والجملة بعده خبر التبيان ٢ / ٩١٦.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٩١٦.
(٨) وأيضا فالجملة خرجت من الاسمية إلى الفعلية ، ولا يوجد سبب لاقتران جواب الشرط بالفاء.
(٩) وهو قوله : «وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ ...» وانظر التبيان ٢ / ٩١٦.
(١٠) في ب : ونجزي.
(١١) وجوز أبو البقاء في «كذلك» أن يكون في موضع نصب ب «نجزي» أي جزاء مثل ذلك التبيان ٢ / ٩١٦. ولو نظرنا إلى تقدير أبي البقاء لوجدناه يقصد أنه نعت لمصدر محذوف.
(١٢) هو عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن القرشي المقرىء البصري ثم الكوفي إمام كبير في الحديث ، ومشهور في القراءات ، روى الحروف عن نافع ، روى عنه ابنه محمد شيخ أبي بكر الأصبهاني ، مات سنة ٣٢٢ ه طبقات القراء ١ / ٤٦٣ ـ ٤٦٤.
(١٣) المحتسب ٢ / ٦١ ، البحر المحيط ٦ / ٣٠٧.
(١٤) في ب : أجزأ في. وهو تحريف.
(١٥) وقد وجه ابن جني هذه القراءة بأنه يقال : أجزأني الشيء أي كفاني ، فكأنه في الأصل نجزىء به ـ