ليس فيها إلا أنني أنا الله لا إله إلا أنا (١) كما قال بعد هذا : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ (٢)قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ (٣) إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)(٤). وهذا اختيار القفال والزجاج (٥).
وقال سعيد بن جبير وقتادة ومقاتل والسدي : معناه : القرآن ذكر من معي فيه خبر من معي على ديني ، ومن يتبعني إلى يوم القيامة بما لهم من الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية ، وذكر خبر من قبلي من الأمم السالفة ما فعل بهم في الدنيا وما يفعل بهم في الآخرة (٦). وقال القفال : المعنى : قل لهم : هذا الكتاب الذي جئتكم به قد اشتمل على أحوال من معي من المخالفين والموافقين ، وعلى بيان أحوال من قبلي من المخالفين والموافقين ، فاختاروا لأنفسكم ، فكأن الغرض منه التهديد (٧). ثم قال : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ) لما طالبهم بالدلالة على ما ادعوه ، وبين أنه لا دليل لهم البتة لا من جهة العقل ولا من جهة السمع ، ذكر بعده أن وقوعهم في هذا المذهب الباطل ليس لأجل دليل ساقهم إليه بل لأن عندهم أصل الشر والفساد وهو عدم العلم والإعراض عن استماع الحق (٨).
العامة على نصب «الحقّ» وفيه وجهان :
أظهرهما : أنه مفعول به بالفعل قبله (٩).
والثاني : أنه مصدر مؤكد. قال الزمخشري : ويجوز أن يكون المنصوب أيضا على التوكيد لمضمون الجملة السابقة كما تقول : هذا عبد الله الحق لا الباطل (١٠) فأكد انتقاء العلم. وقرأ الحسن وابن محيصن وحميد برفع «الحقّ» (١١) وفيه وجهان :
أحدهما : أنه مبتدأ والخبر مضمر (١٢).
والثاني : أنه خبر لمبتدأ مضمر (١٣).
قال الزمخشري : وقرىء «الحقّ» بالرفع على توسط التوكيد بين السبب والمسبب والمعنى أن إعراضهم بسبب الجهل هو الحق لا الباطل (١٤).
__________________
(١) قال تعالى : «إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي» [طه : ١٤].
(٢) من : سقط من ب.
(٣) أنه لا إله : سقط من ب.
(٤) [الأنبياء : ٢٥].
(٥) انظر معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٣٨٩ ، الفخر الرازي ٢٢ / ١٥٨.
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٥٨.
(٧) المرجع السابق.
(٨) المرجع السابق.
(٩) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٨٣ ، البيان ٢ / ١٦٠ ، التبيان ٢ / ٩١٥ ، البحر المحيط ٦ / ٣٠٦.
(١٠) الكشاف ٣ / ٨.
(١١) المختصر : (٩١). والمحتسب : ٢ / ٦١ ، البحر المحيط ٦ / ٣٠٦.
(١٢) قاله صاحب اللوامح. انظر البحر المحيط ٦ / ٣٠٦.
(١٣) والتقدير : هو الحق أو هذا الحق.
انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٨٣ ، المحتسب ٢ / ٦١ ، البيان ٢ / ١٦٠ ، البحر المحيط ٦ / ٣٠٦.
(١٤) الكشاف ٣ / ٨.