بقوله : (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) أي : بيان ما فيها وهو القرآن إذا وافق ما في كتبهم مع أنّ الرسول ـ عليهالسلام (١) ـ لم يشتغل بالدراسة والتعلم فكان ذلك إخبارا (٢) عن الغيب فيكون معجزا. و (بَيِّنَةُ(٣) ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) ما فيها من البشائر بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ونبوته وبعثته (٤). وقال ابن جرير والقفال : (بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) من أنباء الأمم الذين أهلكنا لمّا جاءتهم الآيات فكفروا بها ، واقترحوا الآيات ، فلما جاءتهم (٥) لم يؤمنوا بها ، فأخذناهم بالعقوبة والهلاك ، فما يؤمنهم أن يكون حالهم في سؤال الآيات كحال أولئك (٦).
قوله : (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ) قرأ نافع وأبو عمرو وحفص «تأتهم» (٧) بالتأنيث (٨) والباقون بالياء من تحت (٩) ، لأن التأنيث مجازي (١٠).
وقرأ (١١) العامة «بيّنة» (١٢) بإضافة «بيّنة» إلى «ما» مرفوعة (١٣) وهي واضحة وقرأ أبو عمرو فيما رواه أو زيد بتنوين «بيّنة» مرفوعة (١٤) ، وعلى هذه القراءة ففي «ما» أوجه :
أحدها : أنّها بدل من «بيّنة» بدل كل من كل (١٥).
الثاني : أن تكون خبر مبتدإ مضمر ، أي : هي ما في الصحف الأولى.
الثالث : أن تكون «ما» نافية ، قال صاحب اللوامح : وأريد بذلك ما في القرآن من الناسخ والفصل مما لم يكن في غيره من الكتب (١٦) ، وقرأت جماعة «بيّنة» بالتنوين والنصب.
ووجهها : أن تكون «ما» فاعلة ، و«بيّنة» نصب على الحال ، وأنث على معنى «ما» (١٧). ومن قرأ بتاء التأنيث فحملا على معنى «ما» (١٨) ومن قرأ بياء الغيبة فعلى لفظها (١٩). وقرأ ابن عباس بسكون الحاء من «الصّحف» (٢٠).
__________________
(١) عليهالسلام : سقط من ب.
(٢) في ب : إخبار.
(٣) في ب : وقد بينه. وهو تحريف.
(٤) في النسختين : ونعته.
(٥) في ب : آتتهم.
(٦) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ٣٧ بتصرف.
(٧) «تأتهم» سقط من ب.
(٨) السبعة (٤٣٥) ، الحجة لابن خالويه (٢٨٤) ، الكشف ٢ / ١٠٨ ، النشر ٢ / ٣٢٢ ، الإتحاف (٣٠٨).
(٩) وذلك لأن تأنيث البينة غير حقيقي ، وأيضا فقد فرق بين المؤنث وفعله.
(١٠) قرأ : سقط من ب.
(١١) في ب : «بيّنة ما».
(١٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٩٢.
(١٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٩٢.
(١٤) انظر التبيان ٢ / ٩٠٩. البحر المحيط ٦ / ٢٩٢.
(١٥) انظر التبيان ٢ / ٩٠٩.
(١٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٩٢.
(١٧) انظر التبيان ٢ / ٩٠٩. البحر المحيط ٦ / ٢٩٢.
(١٨) ما : سقط من ب.
(١٩) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٩٢.
(٢٠) المختصر : (٩١) ، البحر المحيط ٦ / ٢٩٢.