روى البخاريّ (١) ومسلم (٢) أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم (٣) ـ قال : «احتجّ آدم وموسى (٤) عند ربهما ، فحجّ آدم موسى ، قال موسى : أنت يا آدم الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته وأسكنك في جنته ، ثم أهبطت الناس (٥) بخطيئتك إلى الأرض ، فقال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه ، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء وقربك نجيا وجدت الله (٦) كتب التوراة قبل أن أخلق ، قال موسى : بأربعين عاما ، قال آدم : فهل وجدت فيها (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)؟ قال نعم ، قال (٧) أفتلومني (٨) على أن عملت عملا كتب الله عليّ أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة. قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فحجّ آدم موسى» (٩).
وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص (١٠) قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، قال وعرشه على الماء» (١١). وقال : «كل شيء خلقه بقدر حتى العجز والكيس» (١٢). قوله : «فأكلا منها» يعني آدم وحواء. «فبدت (١٣) لهما سوآتهما».
قال ابن عباس : عريا من النور الذي كان الله ألبسهما حتى بدت فروجهما (١٤). وإنما جمع «سوآتهما» كما قال : (صَغَتْ قُلُوبُكُما)(١٥).
(وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) قال الزمخشري : طفق بفعل كذا مثل
__________________
(١) هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري ، صاحب الصحيح والتصانيف ، حفظ تصانيف ابن المبارك وهو صبي ، حدّث عنه الترمذي ومحمد بن نصر المروزي وغيرهما مات سنة ٢٥٦ ه. تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٥٥.
(٢) هو مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري ، أكثر عن يحيى بن يحيى التميمي وأحمد بن يونس اليربوعي ، روى عنه الترمذي حديثا واحدا ، مات سنة ٢٦١ ه. تذكرة الحفاظ ٢ / ٨٨ ـ ٥٩٠.
(٣) في ب : أن النبي صلىاللهعليهوسلم وشرف وكرم وبجل ومجد وعظم.
(٤) في ب : موسى وآدم.
(٥) الناس : سقط من ب.
(٦) في ب : أنه. وهو تحريف.
(٧) قال : سقط من ب.
(٨) في الأصل : أتلومني.
(٩) أخرجه البخاري (تفسير) ٦ / ١٢٠ ، ١٢١ ، (قدر) ٨ / ١٥٧ (توحيد) ٩ / ١٨٢.
(١٠) هو عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي أبو محمد ، أخذ عنه جبير بن نفير وابن المسيب وغيرهما ، وكان يلوم أباه على القتال في الفتنة بأدب وتؤدة ، ويقول : ما لي ولصفين ما لي ولقتال المسلمين لوددت أني مت قبلها بعشرين سنة ، مات سنة ٦٥ ه. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ٢ / ٨٣.
(١١) أخرجه مسلم (القدر) ٤ / ٢٠٤٤.
(١٢) أخرجه مسلم (القدر) ٤ / ٢٠٤٥.
(١٣) في ب : قوله : فبدت.
(١٤) الفخر الرازي : ٢٢ / ١٢٧.
(١٥) من قوله تعالى :«إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما» [التحريم : ٤]. قال : «سوآتهما» ، «قلوبكما» بالجمع ، لأن كل عضو ليس في البدن منه إلا عضو واحد فإن تثنيته بلفظ جمعه ، والسوأة ، والقلب ليس في البدن منهما إلا عضو واحد. انظر البيان ٢ / ٤٤٦ ، التبيان ٢ / ١٢٢٩.