إلى إضلال القوم في العجل فقال : (بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) أي عرفت أن (١) الذي أنتم عليه (ليس بحق) (٢) ، وقد كنت قبضت قبضة من أثرك أيّها الرسول أي : شيئا من دينك ، فنبذته أي : طرحته ، فعند ذلك أعلمه موسى ـ عليهالسلام (٣) ـ بما له من العذاب في الدّنيا والآخرة ، وإنما أورد بلفظ الإخبار (٤) عن غائب كما يقول الرجل (٥) لرئيسه وهو مواجه له : ما يقول الأمير في كذا ، أو (٦) بماذا يأمر الأمير. وأما ادّعاؤه أنّ موسى (٧) ـ عليهالسلام (٨) ـ رسول (٩) مع جحده وكفره فعلى مذهب من حكى الله عنه قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)(١٠) وإن لم يؤمنوا بالإنزال (١١).
قال ابن الخطيب : وهذا (١٢) الذي ذكره أبو مسلم (ليس فيه إلّا أنّه مخالف للمفسرين ، ولكنه أقرب إلى التحقيق لوجوه :
أحدها : أن جبريل ـ عليهالسلام ـ) (١٣) ليس معهودا باسم (١٤) الرسول ، ولم يجر له فيما تقدم ذكر حتى تجعل (١٥) لام التعريف إشارة إليه ، فإطلاق لفظ الرسول لإرادة جبريل كأنه تكليف بعلم الغيب.
وثانيها (١٦) : أنه لا بد فيه من الإضمار وهو قبضة من أثر حافر دابة الرسول والإضمار خلاف الأصل.
وثالثها (١٧) : أنه لا بد من التعسف في بيان أنّ السامريّ كيف اختصّ من بين جميع الناس برؤية جبريل ومعرفته ، ثم كيف عرف أن تراب حافر دابته يؤثر هذا الأثر ، والذي ذكروه من أن جبريل ـ عليهالسلام ـ هو الذي ربّاه فبعيد ، لأن السامريّ إن عرف أنه جبريل حال كمال عقله (١٨) عرف قطعا أنّ موسى ـ عليهالسلام ـ نبيّ صادق ، فكيف يحاول الإضلال ، وإن كان ما عرفه حال البلوغ فأنّى ينفعه كون جبريل ـ عليهالسلام ـ (مربّيا له) (١٩) حال الطفولية في حصول تلك المعرفة.
ورابعها (٢٠) : أنه لو جاز إطلاع بعض الكفرة على تراب هذا شأنه لكان لقائل (٢١) أن
__________________
(١) أن : سقط من الأصل.
(٢) ما بين القوسين سقط من ب ، وفيه : أمر.
(٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٤) في ب : بلفظ الأمر أو الإخبار.
(٥) الرجل : سقط من الأصل.
(٦) في الأصل : أي. وهو تحريف.
(٧) أن موسى : مكرر في الأصل.
(٨) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٩) رسول : سقط من ب ، وفي الأصل : رسولا. والصواب (رسول) لأنه خبر (أنّ).
(١٠) [الحجر : ٦].
(١١) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١١٠ ـ ١١١.
(١٢) في ب : وهذا القول.
(١٣) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٤) في ب : يذكر.
(١٥) في ب : جعل. وهو تحريف.
(١٦) في ب : وفيه أمور الأول.
(١٧) في ب : الثاني.
(١٨) في الأصل : كماله.
(١٩) ما بين القوسين : سقط من ب.
(٢٠) في ب : الثالث.
(٢١) في ب : القائل.