حزن (١). وقيل : الأسف : المغتاظ ، وفرق بين الاغتياظ والغضب ، لأنّ الله تعالى لا يوصف بالغيظ ويوصف من حيث أن الغضب إرادة الإضرار بالمغضوب عليه (٢) ، والغيظ تغيّر يلحق المغتاظ (٣) وذلك لا يصح إلا على الأجسام كالضحك والبكاء ، ثم إن موسى ـ عليهالسلام (٤) ـ عاتبهم بعد رجوعه (٥) فقال : (يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً)(٦) قيل : المراد بالوعد الحسن (٧) إنزال التوراة. وقيل : الثواب على الطاعات.
وقال مجاهد : العهد. وهو قوله : (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ) إلى قوله : (ثُمَّ اهْتَدى)(٨) (ويدل عليه قوله بعد ذلك) (٩)(أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ) فكأنه قال : أفنسيتم ذلك الذي قال الله لكم : (وَلا تَطْغَوْا) وقيل : الوعد الحسن (١٠) هاهنا يحتمل أن يكون وعدا حسنا في منافع الدين وأن يكون في منافع الدنيا. أما منافع الدين : فهو الوعد بإنزال الكتاب الهادي إلى الشرائع ، والوعد بحصول الثواب العظيم في الآخرة. وأما منافع الدنيا فإن الله تعالى قد وعدهم قبل إهلاك (١١) فرعون أن يورثهم أرضهم (وديارهم (١٢)) (١٣).
فإن قيل : قوله : (أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ) هذا الكلام إنما يتوجه عليهم لو كانوا معترفين بإله آخر سوى العجل ، وأمّا لمّا اعتقدوا أنه لا إله سواه على ما أخبر الله عنهم أنهم (١٤) قالوا : (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى)(١٥) كيف يتوجه عليهم هذا الكلام؟
فالجواب (١٦) : أنهم كانوا معترفين بالإله لكنهم عبدوا العجل على التأويل الذي يذكره عبّاد الأصنام(١٧).
قوله : (وَعْداً حَسَناً) يجوز أن يكون مصدرا مؤكدا (١٨) ، والمفعول الثاني محذوف
__________________
(١) اللسان (أسف).
(٢) وفي اللسان (غضب) : وأمّا غضب الله فهو إنكاره على من عصاه فيعاقبه.
(٣) وفي اللسان (غيظ) : فإن الغيظ صفة تغير المخلوق عند احتداده بتحرك لها ، والله يتعالى عن ذلك.
(٤) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٥) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٠١.
(٦) في ب : وعدا حسنا صدقا.
(٧) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٠٢ بتصرف يسير.
(٨) [طه : ٨١ ، ٨٢].
(٩) ما بين القوسين سقط من ب ، وفيها وقوله.
(١٠) في ب : وقيل : الوعد الحسن المراد به.
(١١) في ب : هلاك.
(١٢) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٠٢.
(١٣) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٤) أنّهم : سقط من ب.
(١٥) [طه : ٨٨].
(١٦) في ب : الجواب.
(١٧) هذا التأويل ـ والله أعلم ـ ما ورد في قوله تعالى :«أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ» [الزمر : ٣] وانظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٠١ ـ ١٠٢.
(١٨) فيعرب مفعولا مطلقا.