كقول (١) إبراهيم عليهالسلام (٢) : (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ)(٣)(٤).
قوله : (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً).
قرأ أبو عمرو ساكنة الهاء ، ويختلسها أبو جعفر (٥) وقالون ويعقوب والآخرون بالإشباع (٦). «مؤمنا» مات على الإيمان (قَدْ عَمِلَ)(٧) أي وقد عمل الصالحات ، واعلم أن قوله : (قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ) يقتضي أن يكون آتيا بكل الصالحات وذلك بالاتفاق غير معتبر ولا ممكن ، فينبغي أن يحمل ذلك على أداء الواجبات ، ثم ذكر أنّ من أتى بالإيمان والأعمال الصالحة كانت لهم الدرجات العلا ، ثم (٨) فسر الدرجات العلا فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) وفي الآية تنبيه على حصول العفو لأصحاب الكبائر ، لأنه تعالى جعل الدرجات العلا من الجنة لمن أتى بالإيمان والأعمال الصالحة فسائر الدرجات التي هي غير عالية لا بد وأن تكون لغيرهم ، وما هم إلا العصاة من أهل الإيمان (٩). والعلا : جمع العليا ، والعليا تأنيث الأعلى (١٠).
قوله : «جنّات» بدل من «الدّرجات» أو بيان ، قال أبو البقاء : ولا يجوز أن يكون التقدير : هي جنّات ، لأن «خالدين» على هذا التقدير لا يكون في الكلام ما يعمل في الثاني ، وعلى الأول يكون في الحال الاستقرار ، أو معنى الإشارة (١١).
قوله : (وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى) قال ابن عباس : يريد من قال : لا إله إلا الله (١٢) ومعنى «تزكّى» تطهّر من الذنوب ، قال عليهالسلام (١٣) «إنّ أهل الدّرجات العلى (١٤) لترونهم من تحتهم كما ترون الكوكب (١٥) الدّرّي في أفق السّماء ، وإنّ أبا بكر وعمر منهم» (١٦). واعلم أنّه ليس في القرآن أنّ فرعون فعل بأولئك القوم المؤمنين (١٧) ما أوعدهم ، ولم يثبت في الأخبار (١٨).
__________________
(١) في ب : لقول. وهو تحريف.
(٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٣) [الصافات : ٩٩].
(٤) الفخر الرازي ٢٢ / ٩١.
(٥) في ب : ويحكها وأبو جعفر.
(٦) السبعة (٢٠٧ ـ ٢١٢).
(٧) في ب : قوله : «قَدْ عَمِلَ».
(٨) ثم : سقط من ب.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٩١.
(١٠) في لسان العرب (علا) : والعلى : جمع العليا أي جمع الصفة العليا والكلمة العليا ، ويكون العلى جمع الاسم الأعلى ، وصفة الله العليا شهادة أن لا إله إلا الله فهذه أعلى الصفات ، ولا يوصف بها غير الله وحده لا شريك له.
(١١) التبيان ٢ / ٨٩٨.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٩١.
(١٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٤) العلى : سقط من ب.
(١٥) في ب : الكواكب. وهو تحريف.
(١٦) أخرجه الترمذي (مناقب) ٥ / ٢٦٨ ، ابن ماجه (مقدمة) ١ / ٣٧ ، أحمد ٣ / ٢٧.
(١٧) في ب : بهؤلاء المؤمنين.
(١٨) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٩١.