والثاني : أن يكون صفة للموصول أيضا (١).
قال أبو حيان : ومذهب الكوفيين أن الأسماء النواقص ك (من) و(ما) لا يوصف منها إلّا الذي وحده ، فعلى مذهبهم لا يجوز أن يكون صفة (٢). قال ذلك كالراد على الزمخشري.
والجملة في قوله (٣) : (عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) خبر لقوله «الرّحمن» على القول : بأنه مبتدأ ، أو خبر مبتدأ مضمر ، إن قيل : إنه مرفوع على خبر مبتدأ مضمر (٤) ، وكذلك في قراءة من جرّه (٥). وفاعل «استوى» ضمير يعود على «الرّحمن».
وقيل : بل فاعله «ما» الموصولة (٦) بعده (٧) ، أي : استوى الذي له ما في السموات قال أبو البقاء : وقال بعض الغلاة (٨) : «ما» (٩) فاعل «استوى» ، وهذا بعيد ، ثم هو غير نافع له في التأويل ، إذ يبقى قوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) كلاما تامّا ومنه هرب (١٠).
قال شهاب الدين : هذا يروى (١١) عن ابن عبّاس ، وأنّه كان يقف على لفظ «العرش» ثم يبتدىء ب (١٢)(اسْتَوى لَهُ ما فِي السَّماواتِ) ، وهذا لا يصح عنه (١٣).
قوله : الثّرى : هو التراب النّدي (١٤) ، ولامه ياء بدليل تثنيته على ثريين ، وقولهم : ثريت الأرض تثرى ثرى (١٥). والثّرى يستعمل في انقطاع المودة ، قال جرير :
٣٦٤٠ ـ فلا تنبشوا بيني وبينكم الثّرى |
|
فإنّ (١٦) الّذي بيني وبينكم مثري (١٧) |
__________________
(١) أي أنه صفة للموصول في قوله مِمَّنْ خَلَقَ في الآية السابقة. قاله الزمخشري. الكشاف ٢ / ٤٢٧.
(٢) وهو كما في البحر المحيط (ومذهب الكوفيين أن الأسماء النواقص التي لا تتم إلا بصلاتها نحن (من) و(ما) لا يجوز نعتها إلا (الذي) و(التي) فيجوز نعتها فعلى مذهبهم لا يجوز أن يكون «الرحمن» صفة ل «من») ٦ / ٢٢٦.
بناء منه على أن الموصول لا ينعت ، لأنه كجزء الكلمة ولا يتم إلّا بصلته وجزء الكلمة لا ينعت ، إلا المقرون بأل منه كالذي والتي ، لأنه يوصف به ويصغر ويثنى ويجمع ، وقد جوز السيوطي أيضا نعت (من) و(ما) تقول : جاءني من في الدار العاقل ، ونظرت إلى ما اشتريت الحسن. انظر الهمع ٢ / ١١٨.
(٣) في ب : قولك. وهو تحريف.
(٤) في ب : أو مضمر. وهو تحريف.
(٥) انظر الكشاف ٢ / ٤٢٧.
(٦) في ب : وقيل بل لا فاعله الموصول. وهو تحريف.
(٧) من قوله تعالى : «لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» من الآية التي بعدها.
(٨) في ب : الغلا. وهو تحريف.
(٩) ما : سقط من ب.
(١٠) التبيان ٢ / ٨٨٥.
(١١) في ب : مروى.
(١٢) ب : سقط في ب.
(١٣) الدر المصون ٥ / ٢٠.
(١٤) الندى : سقط في ب.
(١٥) اللسان (ثرا).
(١٦) في ب : وإن.
(١٧) البيت من بحر الطويل قاله جرير ، وهو في ديوانه ١ / ٤٢١ واللسان (ثرا) والبحر المحيط ٦ / ٢٢٢.
ورواية الديوان : فلا توبسوا. ـ