لمّا ردّ على الكفرة ، وشرح أقوالهم في الدنيا والآخرة ختم السورة بذكر أحوال المؤمنين. قوله : «ودّا» العامة على ضم الواو (١). وقرأ أبو الحارث الحنفي (٢) بفتحها (٣) ، وجناح بن حبيش (٤) بكسرها (٥). فيحتمل (٦) أن يكون المفتوح مصدرا ، والمكسور والمضموم (٧) اسمين.
قال المفسرون : سيجعل (٨) لهم الرّحمن محبة ، قال مجاهد : يحبهم الله ويحببهم إلى عباده المؤمنين (٩). قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا أحبّ الله العبد قال لجبريل ـ عليهالسلام (١٠) ـ : «قد (١١) أحببت فلانا فأحبّه ، فيحبّه جبريل ، ثم ينادي في أهل السّماء : إنّ الله ـ تعالى ـ قد أحبّ فلانا فأحبّوه ، فيحبه أهل السّماء ، ثمّ يوضع له القبول في الأرض (١٢) ، وإذا أبغض العبد» قال مالك : لا أحسبه إلا قال في البغض مثل ذلك(١٣). والسّين في «سيجعل» إما لأن السورة مكية ، وكان المؤمنون (١٤) حينئذ ممقوتين بين (١٥) الكفرة ، فوعدهم الله ذلك إذا جاء الإسلام.
والمعنى : سيحدث لهم في القلوب مودة. وإمّا أن يكون ذلك يوم القيامة يحببهم إلى خلقه بما يظهر من حسناتهم (١٦). روي (١٧) عن كعب (١٨) قال : مكتوب في التوراة لا
__________________
(١) تفسير ابن عطية ٩ / ٥٥٤ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٢١.
(٢) هو الليث بن خالد أبو الحارث البغدادي عرض على الكسائي ، وروى الحروف عن حمزة بن القاسم الأحول ، واليزيدي ، وروى عنه عرضا وسماعا سلمة بن عاصم ، ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير ، وغيرهما ، مات سنة ٢٤٠ ه. طبقات القراء ٢ / ٣٤.
(٣) تفسير ابن عطية ٩ / ٥٤٥ ، البحر المحيط ٦ / ٢٢١.
(٤) لم أقف له على ترجمة.
(٥) المختصر (٨٦) ، الكشاف ٢ / ٤٢٥ ، البحر المحيط ٦ / ٢٢١.
(٦) في ب : فيحمل.
(٧) في ب : والمكسور والمضموم.
(٨) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦.
(٩) المؤمنين : سقط من ب.
(١٠) عليهالسلام : سقط من ب.
(١١) في ب : إني.
(١٢) أخرجه البخاري (بدء الخلق) ٢ / ٢١٢ (توحيد) ٤ / ٢٩٥ ، ومالك في الموطأ (شعر) ٢ / ٩٥٣ ، أحمد ٢ / ٢٦٧ ، ٥٠٩.
(١٣) الموطأ (شعر) ٢ / ٩٥٣ ، آخر ما نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦.
(١٤) في الأصل : المؤمنين.
(١٥) في ب : مقيمين يلي. وهو تحريف.
(١٦) انظر الكشاف ٢ / ٤٢٥ بتصرف ، والفخر الرازي ٢١ / ٢٥٦.
(١٧) في ب : وروى.
(١٨) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ، بتصرف.