قوله : «لعبادته» متعلق ب «اصطبر» فإن قيل : لم لم يقل : واصطبر على عبادته ، لأنها صلته ، فكان (١) حقه تعديه ب «على»؟.
فالجواب : أنّه ضمن (٢) معنى الثبات ، لأنّ العبادة ذات تكاليف قل من يصبر (٣) لها ، فكأنّه قيل : واثبت لها مصطبرا (٤). واستدلوا بهذه الآية على أنّ فعل العبد خلق لله ـ تعالى ـ ، لأنّ فعل العبد حاصل بين السموات والأرض ، وهو رب لكل شيء حاصل بينهما (٥).
قوله : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) أدغم الأخوان (٦) ، وهشام (٧) ، وجماعة لام «هل» في «التاء»(٨).
وأنشدوا (٩) على ذلك بيت مزاحم العقيليّ (١٠) :
٣٦١٤ ـ فذر ذا (١١) ولكن هتّعين متيّما |
|
على ضوء برق آخر اللّيل ناصب (١٢) |
__________________
ـ المحض ، نحو : من يأتني فله درهم أو كان المبتدأ نكرة عامة موصوفة بالفعل ، أو الظرف أو الجار والمجرور ، نحو : كلّ رجل يأتيني أو أمامك ، أو في الدار فله درهم ، لأنّ النكرة في إبهامها كالموصول إذا لم يرد به مخصوص ، والصفة كالصلة ، فإذا كانت بالفعل أو ما هو في تقديره من جار ومجرور كانت كالموصول في شبه الشرط والجزاء ، فتدخل الفاء في خبرها كما تدخل في خبر الموصول.
وقد أوّل سيبويه وغيره ما أنشده الأخفش على تقدير مبتدأ ، والفاء عاطفة من عطف جملة فعلية على جملة اسمية.
الكتاب ١ / ١٣٨ ـ ١٤١ ، البيان ٢ / ١٢٩ ـ ١٣٠ ، التبيان ٢ / ٨٧٧ ابن يعيش ١ / ٩٩ ـ ١٠١ ، شرح الكافية ١ / ١٠١ ـ ١٠٢ ، المغني ١ / ١٦٥ ـ ١٦٦.
(١) في ب : وكان.
(٢) التضمين : هو أن يؤدي اللفظ معنى الفظ فيعطى حكمه نحو قوله تعالى : «الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ» [البقرة : ١٨٧] ، ضمّن الرفث معنى الإفضاء فعدي ب (إلى) مثل : «وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ» [النساء : ٢١] ، وإنّما أصل الرفث أن يتعدى بالباء ، ويقال : أرفث فلان بامرأته. المغني ٢ / ٦٨٥.
(٣) في ب : يثبت.
(٤) الكشاف ٢ / ٤١٧ ، البحر المحيط ٦ / ٢٠٤.
(٥) الفخر الرازي ٢١ / ٢٤٠ ـ ٢٤١.
(٦) حمزة والكسائي.
(٧) هو هشام بن عمار بن نصير بن ميسرة أبو الوليد السلمي ، أخذ القراءة عرضا عن أيوب بن تميم ، وعراك بن خالد ، وغيرهما ، وروى القراءة عنه أبو عبيد القاسم بن سلام ، وأحمد بن يزيد الحلواني ، وغيرهما ، مات سنة ٢٤٥ ه. طبقات القراء ٢ / ٣٥٤ ـ ٣٥٦.
(٨) السبعة (١٢٢ ـ ١٢٣) ، البحر المحيط ٦ / ٢٠٤ ، الإتحاف ٣٠٠.
(٩) في ب : وأنشد.
(١٠) هو مزاحم بن الحارث من بني عقيل ، شاعر ، بدوي ، فصيح ، إسلاميّ ، كان في زمن جرير والفرزدق ، وكان جرير يقرظه ويقدمه. الخزانة ٦ / ٢٠٤ ، الإتحاف ٣٠٠.
(١١) في ب : ها.
(١٢) البيت من بحر الطويل ، قاله مزاحم العقيل «يّ ، وهو في مجاز القرآن ٢ / ٩ ، الكتاب ٤ / ٤٥٩ ، تفسير ابن عطية ٩ / ٥٠٣ ، ابن يعيش ١٠ / ١٤١ ، ١٤٢ ، البحر المحيط ٦ / ٢٠٤ ، المتيّم : الذي تيّمه الحب ـ