قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

اللّباب في علوم الكتاب [ ج ١٣ ]

4/640
*

قوله تعالى : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (٣) قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (٦)

قوله : (ذِكْرُ) : فيه ثلاثة أوجه :

الأول : أنه مبتدأ محذوف الخبر ، تقديره : فيما يتلى عليكم ذكر.

الثاني : أنه خبر محذوف المبتدأ ، تقديره : المتلوّ ذكر ، أو هذا ذكر.

الثالث : أنه خبر الحروف المقطّعة ، وهو قول يحيى بن زياد ، قال أبو البقاء (١) : «وفيه بعد ؛ لأنّ الخبر هو المبتدأ في المعنى ، وليس في الحروف المقطّعة ذكر الرحمة ، ولا في ذكر الرحمة معناها».

و«ذكر» مصدر مضاف ؛ قيل : إلى مفعوله ، وهو الرحمة ، والرحمة في نفسها مصدر أيضا مضاف إلى فاعله ، و«عبده» مفعول به ، والناصب له نفس الرحمة ، ويكون فاعل الذّكر غير مذكور لفظا ، والتقدير : أن ذكر الله رحمته عبده ، وقيل : بل «ذكر» مضاف إلى فاعله على الاتّساع ، ويكون «عبده» منصوبا بنفس الذّكر ، والتقدير : أن ذكرت الرحمة عبده ، فجعل الرحمة ذاكرة له مجازا.

و«زكريّا» بدل ، أو عطف بيان ، أو منصوب بإضمار «أعني».

وقرأ يحيى بن يعمر ـ ونقلها الزمخشريّ عن الحسن (٢) ـ «ذكّر» فعلا ماضيا مشددا ، و«رحمة» بالنصب على أنها مفعول ثان ، قدمت على الأول ، وهو «عبده» والفاعل : إمّا ضمير القرآن ، أو ضمير الباري تعالى ، والتقدير : أن ذكّر القرآن المتلوّ ـ أو ذكّر الله ـ عبده رحمته ، أي : جعل العبد يذكر رحمته ، ويجوز على المجاز المتقدّم أن تكون (رَحْمَةِ رَبِّكَ) هو المفعول الأول ، والمعنى : أنّ الله جعل الرحمة ذاكرة للعبد ، وقيل : الأصل : ذكّر برحمة ، فلمّا انتزع الجارّ نصب مجروره ، ولا حاجة إليه.

وقرأ الكلبيّ (٣) «ذكر» بالتخفيف ماضيا «رحمة» بالنصب على المفعول به ، «عبده» بالرفع فاعلا بالفعل قبله ، «زكريّا» بالرفع على البيان ، أو البدل ، أو على إضمار مبتدأ ، وهو نظير إضمار الناصب في القراءة الأولى.

وقرأ (٤) يحيى بن يعمر ـ فيما نقله عنه الدّاني ـ «ذكّر» فعل أمر ، «رحمة» و«عبده»

__________________

(١) ينظر : الإملاء ٢ / ١١٠.

(٢) ينظر : البحر ٦ / ٥٦٢ ، والدر المصون ٤ / ٤٨٩ وينظر : القرطبي ١١ / ٥٢ وقد نسبها إلى الحسن.

(٣) ينظر : القرطبي ١١ / ٥٢ ، والبحر ٦ / ١٦٣ ، والدر المصون ٤ / ٤٩٠.

(٤) ينظر : القرطبي ١١ / ٥٢ ، والبحر ٦ / ١٦٣ ، والدر المصون ٤ / ٤٩٠ ، والكشاف ٣ / ٣.