«نفحة» طرف. وقيل : قليل. وقال ابن جريج : نصيب من قولهم : نفح فلان لفلان من ماله أي : أعطاه حظا منه (١) ، قال :
٣٧١٨ ـ إذا ريدة من حيث ما نفحت له (٢) |
|
أتاه بريّاها خليل يواصله (٣) |
وقيل : ضربة ، من قولهم : نفحت (٤) الدابة برجلها ، أي : ضربت (٥).
و (مِنْ عَذابِ) صفة ل «نفحة» (٦).
ثم بيّن تعالى أن جميع ما ينزل (٧) بهم في الآخرة لا يكون إلّا عدلا فيهم بقولهم : (لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) أي : مشركين دعوا على أنفسهم بالويل بعد ما أقروا بالشرك (٨).
قوله : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ) قال الزجاج : ذوات القسط (٩) ، ووضعها إحضارها. (وإنما جمع «الموازين» لكثرة من توزن أعمالهم ، وهو جمع تفخيم. ويجوز أن يرجع إلى الموزونات (١٠)) (١١). وفي نصب «القسط» وجهان :
أحدهما : أنه نعت للموازين ، وعلى هذا فلم أفرد؟ وعنه جوابان :
أحدهما : أنه في الأصل مصدر ، والمصدر يوحّد (١٢) مطلقا.
والثاني : أنه على حذف مضاف (١٣).
الوجه الثاني : أنه مفعول من أجله أي : لأجل القسط (١٤) ، إلا أن في هذا نظرا (١٥) من حيث إن المفعول له إذا كان معرّفا ب (أل) يقل تجرّده من حرف العلة (١٦) تقول : جئت للإكرام ، ويقل : جئت الإكرام ، كقوله :
__________________
(١) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٥ / ٤٩.
(٢) في ب : إذا أريد به من حيث ما نفحت له. وهو تحريف.
(٣) البيت من بحر الطويل قاله أبو حية النمري ، شاعر مجيد أدرك الدولة الأموية والعباسية. وهو في اللسان (ريد) والمغني ١ / ١٣٢ ، المقاصد النحوية ٣ / ٣٨٦ ، الهمع ١ / ٢١٢ ، شرح شواهد المغني ١ / ٣٩٠ ، الخزانة ٦ / ٥٥٤ ، الدرر ١ / ١٨٠ الرّيدة : ريح لينة الهبوب. نفحت بمعنى : أعطت. وهو موطن الشاهد هنا. ريّا : الرائحة.
(٤) في ب : نفخت. وهو تصحيف.
(٥) انظر البغوي ٥ / ٤٩٠.
(٦) انظر التبيان ٢ / ٩١٩. وجوز أبو البقاء أن يكون «من عذاب» في موضع نصب ب «مسّتهم».
(٧) في النسختين : ما نزل. وما أثبته من الفخر الرازي ٢٢ / ١٧٦.
(٨) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٧٦.
(٩) معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٣٩٤.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٧٧.
(١١) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(١٢) في ب : يوجب. وهو تحريف.
(١٣) والتقدير : ذوات القسط. انظر الكشاف ٣ / ١٣ ، التبيان ٢ / ٩١٩ ، البحر المحيط ٦ / ٣١٦.
(١٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٣١٦.
(١٥) في ب : نظر.
(١٦) أي حرف الجر ، وهو اللام.