العقلاء كقوله (١) : (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ)(٢) و (أَتَيْنا طائِعِينَ)(٣).
قال الزمخشري : والتنوين في «كل» عوض عن المضاف إليه أي : كلهم (٤). (فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) وهذه الجملة يجوز أن تكون لا محل لها من الإعراب لاستئنافها (٥) ويجوز أن يكون محلها النصب على الحال من (الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ)(٦). فإن قلنا : إن السباحة تنسب إلى الليل والنهار كما نقل عن أبي البقاء في أحد الوجهين (٧) فيكون حالا من الجميع ، وإن كان لا يصح نسبتها إليهما (٨) كانت حالا من (الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) وتأويل الجمع قد تقدم (٩). قال أبو حيان : أو (١٠) محلها النصب على الحال من (الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) لأن الليل والنهار لا يتصفان بأنهما يجريان في فلك فهو كقولك : رأيت هندا وزيدا (متبرجة (١١)) (١٢). انتهى. وسبقه إلى هذا الزمخشري ، يعني أنه قد دل على أن الحال من بعض ما تقدم كما في المثال المذكور ، قال الزمخشري : فإن قلت : لكل واحد من القمرين فلك (١٣) على حدة فكيف قال: (فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ). قلت : هذا كقولهم : كساهم الأمير حلة وقلدهم سيفا أي : كل واحد منهم(١٤). والسباحة العوم في الماء ، وقد يعبر به عن مطلق الذهاب وقد تقدم اشتقاقه في «سبحانك»(١٥).
ومعنى «يسبحون» يسيرون بسرعة كالسابح في الماء.
__________________
(١) في ب : لقوله تعالى.
(٢) من قوله تعالى : «إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ» [يوسف : ٤].
(٣) من قوله تعالى :«ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» [فصلت : ١١]. أي أنه لما أخبر عنهما بفعل من يعقل فأجراه مجرى من يعقل ، فجمع بالواو والنون ، وانظر الكتاب ٢ / ٤٧ ، معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٠١ ، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٣٩١ ، ومشكل إعراب القرآن ٢ / ٨٤ ، البيان ٢ / ١٦٠ التبيان ٢ / ٩١٢.
(٤) الكشاف ٣ / ١٠.
(٥) انظر الكشاف ٣ / ١٠ ، البحر المحيط ٦ / ٣١٠.
(٦) المرجعان السابقان.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٩١٧.
(٨) في ب : اليها. وهو تحريف.
(٩) في نص الزمخشري السابق فإنه قال : (الضمير للشمس والقمر والمراد بهما جنس الطوالع كل يوم وليلة ...).
(١٠) في ب : و.
(١١) البحر المحيط ٦ / ٣١٠.
(١٢) ما بين القوسين في ب : مسرخة. وهو تحريف.
(١٣) في الأصل : فلكم. وهو تحريف.
(١٤) الكشاف ٣ / ١٠ ـ ١١.
(١٥) من قوله تعالى : «قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ» [البقرة : ٣٢] وقوله : «سبحانك» ورد في القرآن تسع مرات أولها [البقرة] وآخرها [سبأ : ٤١] انظر اللباب ١ / ١١٠.