فقيل : المراد ما وعدوه من اللحاق والمجيء على أثره. وقيل : ما وعدوه من الإقامة على دينه إلى أن يرجع إليهم من الطور (١) و«موعدي» مصدر (٢) يجوز أن يكون مضافا لفاعله بمعنى أوجدتموني أخلفتكم ما وعدتّكم. وأن يكون مضافا لمفعوله بمعنى : أنهم وعدوه أن يتمسكوا بدينه وسنته (٣).
قوله : «بملكنا» قرأ الأخوان (٤) بضم الميم ، ونافع وعاصم بفتحها والباقون بكسرها (٥). فقيل : لغات بمعنى واحد (٦) كالنّقض والنّقض والنّقض (٧) ، فهي مصادر ، ومعناها القدرة والتسلط. وفرق الفارسي وغيره (٨) بينهما ، فقال (٩) : المضموم معناه : لم يكن ملك فتخلف موعدك بسلطانه ، وإنما فعلناه بنظر واجتهاد ، فالمعنى على أن ليس له ملك كقول ذي الرّمة :
٣٦٨٥ ـ لا يشتكى سقطة منها وقد رقصت |
|
بها المفاوز حتّى ظهرها حدب (١٠) |
أي لا يقع منها سقطة فتشتكي (١١).
وفتح الميم مصدر من ملك أمره ، والمعنى : ما فعلناه بأنّا ملكنا الصواب ، بل غلبتنا أنفسنا. وكسر الميم كثر فيما تحوزه اليد وتحويه ، ولكنه يستعمل في الأمور التي يبرمها الإنسان ، ومعناها كمعنى التي قبلها.
والمصدر في هذين الوجهين مضاف لفاعله ، والمفعول (١٢) محذوف أي : بملكنا
__________________
(١) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٠٢.
(٢) موعدي مصدر وعد ، وذلك لأنّ المصدر الميمي من المثال الواوي الذي تحذف فاؤه في المضارع يكون على مفعل بكسر العين كموعد وموضع. التبيان في تصريف الأسماء ٥١ ـ ٥٢.
(٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٦٨.
(٤) وهما حمزة والكسائي.
(٥) انظر السبعة (٣٣٢ ، ٤٢٣) الحجة لابن خالويه (٤٤٦) ، الكشف ٢ / ١٠٤ النشر ٢ / ٣٢١ ـ ٣٢٢ ، الإتحاف (٣٠٦).
(٦) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٧٥ ، التبيان ٢ / ٩٠٠ ، البحر المحيط ٦ / ٢٦٨ وانظر أيضا اللسان (ملك).
(٧) في ب : كالبغض والنقض. وهو تحريف. والنقض : إفساد ما أبرمت من عقد أو بناء. انظر اللسان (نقض).
(٨) وهم مكي ، وابن الأنباري ، والعكبري. انظر الكشف ٢ / ١٠٤ ، ومشكل إعراب القرآن ٢ / ٧٥ ، البيان ٢ / ١٥٢ ، التبيان ٢ / ٩٠٠ ـ ٩٠١.
(٩) في ب : فقيل.
(١٠) البيت من بحر البسيط قاله ذو الرّمة وهو في ديوانه (١ / ٤٤) ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٧٤ البحر المحيط ٦ / ٢٦٨. السّقطة : السقوط والعثرة. المفاوز : جمع مفازة. وهي الصحراء التي لا ماء فيها. الحدب : خروج الظهر ، ودخول البطن والصدر.
(١١) في ب : فتشكوا. وهو تحريف.
(١٢) في ب : والمصدر. وهو تحريف.