وعن الثالثة والرابعة ـ مع معارضتهما مع مرسلة ابن أبي المقدام : « إني لأعجب ممّن يرغب أن يتوضّأ اثنتين وقد توضّأ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اثنتين » (١) ومع إمكان إرادة أنّ وضوء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لكلّ صلاة ما كانت إلاّ مرة ، ولذا توقّف الشهيد في استحباب التجديد لصلاة واحدة (٢) ـ : أنه يمكن أن يكون ذلك لبيان الجواز. بل قيل : إنّ المعلوم من حال النبيّ الاقتصار في العمل على ما وجب ، اشتغالا بالأهم ، وإظهارا للاستحباب وجواز الترك (٣).
مع أنّ في مرسلة مؤمن الطاق : « فرض الله الوضوء واحدة واحدة ، ووضع رسول الله للناس اثنتين اثنتين » (٤) وفي المروي في رجال الكشي : كم عدّة الطهارة؟ فقال : « ما أوجبه الله فواحدة ، وأضاف إليها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واحدة لضعف الناس ، ومن توضّأ ثلاثا فلا صلاة له » (٥).
ومقتضاهما : أنّ إضافة الثانية للناس لضعفهم وتقصيرهم ، فلعلّ الحجج لبراءتهم عنهما لم يقصدوا إليها ، واختص استحبابها بغيرهم ، كما احتمله والدي في اللوامع ، بل هو الظاهر من كلام العماني والإسكافي بل المفيد (٦).
وأما قوله : « هذا وضوء » إلى آخره ، فالظاهر منه أنه لا يصح أقلّ منه ، لا أن يجب الاقتصار عليه.
مع أنّه لو أريد عدم الصحة ، لخالف مذهب المستدلّ ، وخرج الخبر عن الحجية بالشذوذ ، وإن أريد المرجوحية ، فهي مجاز ليس أولى من غيره ، كبيان
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٥ ـ ٨٠ ، الوسائل ١ : ٤٣٩ أبواب الوضوء ب ٣١ ح ١٦.
(٢) الذكرى ٩٦.
(٣) القائل هو صاحب الرياض ١ : ٢٤.
(٤) الفقيه ١ : ٢٥ ـ ٧٧ ، الوسائل ١ : ٤٣٩ أبواب الوضوء ب ٣١ ح ١٥.
(٥) رجال الكشي ٢ : ٦٠٠ ـ ٥٦٤ ، الوسائل ١ : ٤٤٣ أبواب الوضوء ب ٣٢ ح ٢.
(٦) المقنعة : ٤٦ ، ونقل عن العماني في المختلف : ٢٢.