ولا فرق فيما ذكر بين النية وغيرها ، فلو شك فيها ، أتى بها وبما بعدها ، للأصل والاستصحاب المذكورين ، مضافا إلى الإجماع المركّب ، وعدم المعارض ، لما عرفت في الأخبار من عدم الدلالة.
وهل الحكم يعم كثير الشك أيضا ، أم يخصّ بمن عداه وهو لا يلتفت إلى شكه؟
الحق : هو الثاني ، وفاقا لصريح السرائر ، والكركي ، والذكرى (١) ، واللوامع مصرّحا فيه بعدم العثور على مصرّح بالخلاف ، واستقر به في نهاية الإحكام (٢) ، ونفى عنه البعد في المدارك (٣) ، لنفي العسر والحرج.
ومفهوم التعليل في صحيحة زرارة ، وأبي بصير في كثير الشك في الصلاة ، بعد الأمر بالمضي في الشك فيها : « لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ، فإنّ الشيطان خبيث معتاد لما عود ، فليمض أحدكم في الوهم ولا تكثرن نقض الصلاة ، فإنّه إذا فعل ذلك مرّات لم يعد إليك » (٤).
وظاهر خصوص صحيحة ابن سنان : ذكرت له رجلا مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت : هو رجل عاقل ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : « وأيّ عقل له وهو يطيع الشيطان؟ » فقلت : وكيف يطيع الشيطان؟ فقال : « سله هذا الذي يأتيه من أي شيء؟ فإنّه يقول لك : إنه من عمل الشيطان » (٥).
وصرّح في مرسلة الواسطي ، المتقدّمة أيضا : « إنّ الشك من الشيطان ».
بل يدلّ عليه التعليل في رواية علي بن أبي حمزة ـ بعد السؤال عن رجل شك في
__________________
(١) السرائر ١ : ١٠٤ ، جامع المقاصد ١ : ٢٣٧ ، الذكرى : ٩٨.
(٢) نهاية الإحكام ١ : ٦١.
(٣) المدارك ١ : ٢٥٧.
(٤) الكافي ٣ : ٣٥٨ الصلاة ب ٤٣ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٨٨ ـ ٧٤٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ ـ ١٤٢٢ ، الوسائل ٨ : ٢٢٨ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٦ ح ٢.
(٥) الكافي ١ : ١٢ العقل والجهل ح ١٠ ، الوسائل ١ : ٦٣ أبواب مقدمة العبادات ب ١٠ ح ١.