والأصل مندفع بما مرّ ، والصحيحة بمعزل عن الحجية ، لمخالفتها للآية الكريمة والشهرة العظيمة ، وموافقتها للحنبلية (١) كما هي محكية ، مع أنّ إرادة الغسل من التوضّؤ ممكنة.
ولا يحرم الاجتياز فيما عدا المسجدين ، بالإجماع والآية والروايات.
وهل الجواز الجائز يختص المرور بالدخول من باب والخروج من آخر ، أو يشمل الدخول والخروج من باب واحد من غير انحراف وتردّد ، أو يشمل التردّد والمشي في الجوانب أيضا؟
الظاهر المتبادر من الآية والروايات المفسّرة لها ، بل صريحها ـ كما قيل (٢) ـ هو الأوّل ، كما هو ـ على ما حكي ـ مذهب الأكثر ، بل هو الأقوى والأظهر.
وتجويز شمولها للأخيرين بعيد عن الصواب.
ولو سلّم فلا يضرّ ، إذ مجرّد الاحتمال لا يكفي في الخروج عن المستثنى منه ، بل قضية الأصل تقتضي عدم خروج ما لم يقطع بخروجه.
وأمّا حسنة جميل : عن الجنب يجلس في المساجد؟ قال : « لا ، ولكن يمرّ فيها كلها إلاّ المسجد الحرام ومسجد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٣) وخبره : « للجنب أن يمشي في المساجد كلها ولا يجلس فيها إلاّ المسجد الحرام ومسجد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٤) وإن اقتضيا بإطلاقهما جواز التردّد ، إلاّ أنّ مقتضى تعارضهما مع الآية بالعموم من وجه ، ووجوب تقديم الكتاب حينئذ : حمل المرور والمشي فيهما على الاحتمال الأوّل.
مع أنّ اقتضاء الأولى لذلك ممنوع غايته ، لمنع صدق المرور على غير الأوّل ،
__________________
(١) المغني لابن قدامة ١ : ١٦٨.
(٢) قال به في الحدائق ٣ : ٥٣.
(٣) الكافي ٣ : ٥٠ الطهارة ب ٣٣ ح ٤ ، التهذيب ١ : ١٢٥ ـ ٣٣٨ ، الوسائل ٢ : ٢٠٥ أبواب الجنابة ب ١٥ ح ٢.
(٤) الكافي ٣ : ٥٠ الطهارة ب ٣٣ ح ٣ ، الوسائل ٢ : ٢٠٦ أبواب الجنابة ب ١٥ ح ٤.