به » فأما الأخبار التي رويت في أنّ الوضوء مرتين مرتين ، فأحدها بإسناد منقطع ـ فنقل مرسلة مؤمن الطاق المتقدمة (١) ـ فقال : هذا على جهة الإنكار لا الإخبار ، كأنه يقول : حد الله حدا ، فتجاوز رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعدّاه ، وقد قال الله عزّ وجلّ ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) وقد روي : أنّ الوضوء حدّ من حدود الله وأنّ المؤمن لا ينجّسه شيء وإنّما يكفيه مثل الدهن. وقال الصادق عليهالسلام : « من تعدّى في وضوئه كان كناقضه ». وفي ذلك حديث آخر بإسناد منقطع ـ ثمَّ نقل رواية ابن أبي المقدام ، السابقة (٢) ـ فقال : إنّ النبي كان يجدّد الوضوء لكلّ صلاة. فمعنى هذا الحديث هو : إني لأعجب ممّن رغب عن تجديد الوضوء وقد جدّده النبي. والخبر الذي روي أنّ من زاد على مرتين لم يؤجر ، يؤكد ما ذكرته. ومعناه أنّ تجديده بعد التجديد لا أجر له ، كالأذان : من صلّى الظهر والعصر بأذان وإقامتين أجزأه ، ومن أذّن للعصر كان أفضل ، والأذان الثالث بدعة لا أجر له. وكذلك ما روي أنّ المرتين أفضل ، معناه التجديد. وكذلك ما روي في مرتين أنه إسباغ ـ ثمَّ ذكر أحاديث فضل التجديد ، فقال : وقد فوّض الله إلى نبيه أمر دينه ولم يفوّض إليه تعدّي حدوده. وقول الصادق عليهالسلام : « من توضّأ مرتين لم يؤجر » يعني به أنه أتى بغير الذي أمر به ووعد الأجر عليه ، فلا يستحق الأجر. انتهى (٣).
وحاصله : حمل أخبار المرة ومرجوحية المرتين على الغسلة والغسلتين ، وأخبار فضل المرتين على التجديد ، وأنّ الثانية في الغسلة غير مأمور بها ، وأنّ فاعلها كناقض الوضوء ، وأنّ جعلها من الوضوء تعدّ عن حدود الله ، فتكون منهيّا عنها وإن لم تكن بنية الوضوء. ولا فرق في ذلك بينها وبين الثالثة والرابعة فتكون
__________________
(١) في ص ١٨٦.
(٢) في ص ١٨٦.
(٣) الفقيه ١ : ٢٥.