هذا كله ، مضافا إلى تعذر فهم ما هو من ذلك لأكثر الناس فضلا عن تعاطيه ، فإنّ تخليص القصد من الثواب والعقاب وقصر النظر إلى جناب الحق ليس شريعة لكل وارد ، فتكليف عامة الناس به كأنّه تكليف بما لا يطاق.
خلافا فيهما لجماعة منهم السيّد الجليل علي بن طاوس (١) ، فقالوا بوجوب قصد مجرد الامتثال وما بمعناه ، وبطلان العبادة بقصد نيل الثواب أو الخلاص من العقاب.
ونسبه غير واحد (٢) إلى المشهور ، والشهيد في قواعده (٣) أسنده إلى الأصحاب مؤذنا بدعوى الوفاق عليه ، ونقل الرازي في تفسيره (٤) اتفاق المتكلمين عليه.
استنادا إلى الخبرين الأوّلين ، وما يؤدي مؤداهما من وجوب كون العمل لله أو خالصا له.
وهو بعد دلالة بعض ما مر على أنّ العمل بالقصدين أيضا عمل خالص له لا وقع له ، سيما مع معارضته مع سائر ما تقدم ، مع أنّه لا معنى محصّل للعمل لله إلاّ بتقدير مثل الطاعة أو الرضا أو الأمر أو غير ذلك ، ولا يتعين المقدّر ، فيمكن أن يكون ما يشمل الوصول إلى ثوابه أو الخلاص من عقابه أيضا ، فلا يعلم منافاة الخبرين لما ذكرنا.
والمراد من الثواب هو ما قرره الله أجرا للعمل دنيويا كان أم أخرويا ، لعموم كثير مما تقدم ، بل ورود خصوص الدنيوي أيضا كما مر ، فلا يبطل بقصد طلب الأغراض الدنيوية التي وعدها الله سبحانه منه إذا كانت من المباحات. وأمّا إذا
__________________
(١) اشتهرت في كلماتهم نسبة هذا القول اليه ، ويمكن ان يستفاد من مواضع من كتابه « فلاح السائل » ص ٥٦ ، ٨١ ، ٨٨ ، ١٣١ ، ويستفاد أيضا من العلامة في أجوبة المسائل المهنائية : ٨٩.
(١) كصاحب الحدائق ٢ : ٧٧.
(٢) القواعد والفوائد ١ : ٧٧.
(٣) التفسير الكبير ١٤ : ١٣٤ في ذيل قوله تعالى : وادعوه خوفا وطمعا ( الأعراف : ٥٦ ).