وإلّا فيمكن العكس بأن يقال : إنّ النهي عن النقض في مورد عدم ثبوت الرخصة بأصالة الإباحة ، فيختصّ الاستصحاب بما لا تجري فيه أصالة البراءة ، فتأمّل.
فالأولى في الجواب أن يقال : إنّ دليل الاستصحاب بمنزلة معمّم للنهي السابق بالنسبة
____________________________________
الخاصّ ، بأن يقال : لا تشرب العصير إذا غلى قبل ذهاب ثلثيه ، فهذا النهي رافع للرخصة في شرب العصير بعد الغليان وقبل ذهاب ثلثيه ، وليس محلّ الكلام ورود النهي في الشيء بعنوان أنّه مشكوك الحكم كالنهي في قوله عليهالسلام : لا تنقض اليقين بالشكّ حيث يكون مفاده أنّ العصير الذي ذهب ثلثاه بالهواء وشكّ في حرمته يجب الاجتناب عنه ، ومثل هذا النهي لا يكفي لرفع الإطلاق والرخصة لكونه واردا في الشيء بعنوان أنّه مشكوك الحكم لا بعنوانه الخاصّ ، وقد عرفت أنّ غاية الرخصة هو ورود النهي في الشيء بعنوانه الخاصّ.
وإلّا فيمكن العكس.
توضيحه على ما في شرح الاعتمادي هو إنّ الترخيص غايته ورود النهي ، وحرمة النقض غايتها اليقين ، حيث قال : لا تنقض اليقين بالشكّ ، بل انقضه بيقين آخر ، فحينئذ لو كان المراد من النهي في قوله : حتى يرد فيه نهي أعمّ من النهي الواقعي والظاهري ، أعني : النهي بقوله : لا تنقض ، لكان المراد من اليقين بالخلاف في قوله : بل انقضه بيقين آخر أعمّ من اليقين الواقعي واليقين الظاهري الحاصل بقوله : كلّ شيء مطلق.
وحينئذ ، كما أنّك تقول بأنّ العصير المذكور ورد فيه النهي لقوله عليهالسلام : لا تنقض اليقين بالشكّ فيدخل في الغاية ويخرج عن المغيّى ، كذلك يمكن العكس بأن يقال : إنّ العصير المذكور ممّا علم فيه خلاف الحالة السابقة بقوله عليهالسلام : كلّ شيء مطلق فيدخل في قوله : بل انقضه بيقين آخر ويخرج عن قوله : لا تنقض اليقين بالشكّ كما أشار إليه بقوله :
بأن يقال : إنّ النهي عن النقض إنّما هو في مورد عدم ثبوت الرخصة بأصالة الإباحة ، فيختصّ الاستصحاب بما لا تجري فيه أصالة البراءة.
كما إذا احتمل صيرورة الخمر خلّا ، إلّا أن يقال بورود الاستصحاب على أصالة الرخصة والإطلاق ، إذ مساق قوله : كلّ شيء مطلق مساق سائر أدلّة البراءة التي مفادها الحكم بالبراءة مع عدم البيان ، ومن المعلوم أنّ الاستصحاب بيان فيكون واردا عليها. ولعل التأمّل في بعض النسخ إشارة إليه.