أحدهما : من جهة تعيين معنى الفراغ والتجاوز المعتبر في الحكم بالصحّة ، وأنّه هل يكتفى به أو يعتبر الدخول في غيره ، وأنّ المراد بالغير ما هو؟.
الثاني : من جهة أنّ الشكّ في وصف الصحّة للشيء ملحق بالشكّ في أصل الشيء أم لا؟
____________________________________
من تخصيص أدلّة الاستصحاب بأدلّة القاعدة كون النسبة بينهما عموما من وجه ، إذ وجه التخصيص في العموم المطلق أنّه لو لم يخصّص لزمت لغويّة الخاصّ رأسا ، وهذا الملاك موجود في المقام على تقدير كون النسبة بينهما عموما من وجه ، إذ لو لم يخصّص أحد العامّين من وجه ـ وهو أدلّة الاستصحاب ـ يلزم حمل العامّ الآخر ـ وهو أدلّة القاعدة ـ على الفرد النادر وهو بحكم اللغو ، ومن هنا ظهر أنّه ليس الملاك في التخصيص كون النسبة هي العموم المطلق ، بل الملاك لزوم لغويّة أحد الدليلين على تقدير عدم الالتزام بتخصيص الدليل الآخر ، وقد عرفت أنّه لم يوجد مورد من موارد العمل بالقاعدة لم يكن الاستصحاب فيه مخالفا لها.
وإنّما الإشكال في تعيين مورد ذلك الأصل من وجهين : أحدهما : من جهة تعيين معنى الفراغ والتجاوز المعتبر في الحكم بالصحّة.
وذلك لاختلاف بعض الروايات في عدم العبرة بالشّك بعد التجاوز ، حيث تكون رواية اسماعيل (١) صريحة ـ بحسب المورد ـ في عدم العبرة بالشكّ في وجود شيء بعد تجاوز محلّه ، وتكون رواية ابن أبي يعفور (٢) بحسب المورد صريحة في عدم العبرة بالشكّ في صحّة عمل بعد الفراغ عنه بناء على عود ضمير غيره في قوله عليهالسلام : وقد دخلت في غيره راجعا إلى الوضوء ، فهل هما يرجعان إلى معنى واحد أو هما قاعدتان؟ وسيأتي تفصيل ذلك في الموضع الأوّل والثاني.
وأنّه هل يكتفى به أي : بكون المناط مجرّد التجاوز والفراغ ، أو يعتبر الدخول في غيره ، وإنّ المراد بالغير ما هو؟.
هل هو الجزء الركني أو مطلق الجزء الأصلي ، أو مطلق الغير ، ويتعرّض به في الموضع الثالث على ما في شرح الاعتمادي.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٥٣ / ٦٠٢. الوسائل ٦ : ٣١٨ ، أبواب الركوع ، ب ١٤ ، ح ٤.
(٢) التهذيب ١ : ١٠١ / ٢٦٢. السرائر ٣ : ٥٥٤. الوسائل ١ : ٤٧٠ ، أبواب الوضوء ، ب ٤٢ ، ح ٢.