الأمر العاشر
إنّ الدليل الدالّ على الحكم في الزمان السابق ؛ إمّا أن يكون مبيّنا لثبوت الحكم في الزمان الثاني ، كقوله : «اكرم العلماء في كلّ زمان» ، وكقوله : «لا تهن فقيرا» ، حيث إنّ النهي للدوام ، وإمّا أن يكون مبيّنا لعدمه ، نحو قوله : «اكرم العلماء في كلّ زمان إلى أن يفسقوا» ، بناء على مفهوم الغاية ، وإمّا أن يكون غير مبيّن لحال الحكم في الزمان الثاني نفيا وإثباتا ،
____________________________________
يوجب سقوط قوله : «سلنا مثل ذلك ... إلى آخره» من الظهور في كونه مدّعيا.
أو إشارة إلى أنّ ما ذكر من الأجوبة عن استصحاب الكتابي وإن كان بحسب الظاهر والتعبير أكثر من الثمانية ، كما عرفت ، إلّا أنّه في الحقيقة ليس كذلك لرجوع بعضها إلى بعضها الآخر.
الأمر العاشر : والغرض من البحث فيه هو تقسيم الاستصحاب باعتبار الدليل الدالّ على الحكم في الزمان السابق إلى ثلاثة أقسام ، ثمّ بيان جريان الاستصحاب وعدم جريانه فيها ، سيّما فيما إذا كان الدليل الدالّ على الحكم عامّا ثمّ خرج منه بعض الأفراد بالتخصيص ثم شكّ في خروجه في جميع الأزمنة أو بعضها ، وقد أشار إلى أقسام الدليل الدالّ على الحكم بقوله :
إنّ الدليل الدالّ على الحكم في الزمان السابق ؛ إمّا أن يكون مبيّنا لثبوت الحكم في الزمان الثاني.
إمّا بالتصريح كقوله : اكرم العلماء في كلّ زمان أو دائما.
وإمّا بالالتزام كقوله : لا تهن فقيرا ، حيث إنّ النهي لطلب ترك الطبيعة وهو مستلزم للدوام. هذا هو القسم الأوّل ، وقد أشار إلى القسم الثاني بقوله :
وإمّا أن يكون مبيّنا لعدمه ، نحو قوله : اكرم العلماء في كل زمان إلى أن يفسقوا ، بناء على مفهوم الغاية.
فلا يجب الإكرام بعد الفسق بمقتضى المفهوم ، فيكون الدليل مبيّنا لعدم الحكم في الزمان الثاني ، أعني : عند تحقّق الغاية.
ثمّ أشار إلى القسم الثالث بقوله :