الأمر الثالث
إنّ المتيقّن السابق إذا كان ممّا يستقلّ به العقل ، كحرمة الظلم وقبح التكليف بما
____________________________________
الأمر الثالث
وقبل الخوض في البحث تفصيلا عن هذا الأمر ـ الثالث ـ لا بدّ من تحرير محلّ الكلام فيه ، فنقول :
إنّ المتيقّن السابق الثابت أوّلا على أقسام ، فإنّه قد يكون من مقولة الموضوع ، وقد يكون من مقولة الحكم ، وعلى الثاني قد يكون عقليّا وقد يكون شرعيّا ، وعلى الثاني قد يكون الحكم الشرعي تابعا للحكم العقلي ومستندا إليه ، وقد لا يكون كذلك.
ومحلّ الكلام من هذه الأقسام هو القسمان منها ، أي : الحكم العقلي والحكم الشرعي التابع له المتحد معه موضوعا ، إذ لا إشكال في جريان الاستصحاب فيما إذا كان المتيقّن السابق من مقولة الموضوع ومن الحكم الشرعي غير المستند إلى الحكم العقلي.
ثمّ الكلام فيما هو محلّ الكلام من القسمين قد يقع الكلام في جريان الاستصحاب في نفس الحكم العقلي والحكم الشرعي التابع له وقد يقع في إجراء الاستصحاب في موضوعهما ، فلا بدّ من البحث في مقامات أربع :
الأوّل : في إمكان جريان الاستصحاب في نفس الحكم العقلي ، كحرمة الظلم العقليّة ، بمعنى إلزام العقل بتركه وتقبيح ارتكابه مع قطع النظر عن حكم الشرع به.
الثاني : في إمكان جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي المستند إلى الحكم العقلي المستكشف بقاعدة التطابق.
الثالث : في إمكان الاستصحاب في موضوع الحكم العقلي فيما علم به سابقا وشكّ في بقائه ليترتّب عليه الحكم العقلي.
الرابع : في إمكان جريانه في الموضوع ليترتّب عليه الحكم الشرعي المشارك للحكم العقلي في الموضوع بالفرض ، كما في بحر الفوائد مع تصرّف منّا.
وقد أشار المصنّف قدسسره إلى المقام الأوّل بقوله :
إنّ المتيقّن السابق إذا كان ممّا يستقلّ به العقل ، كحرمة الظلم وقبح التكليف بما