فلا بدّ من ميزان يميّز به القيود المأخوذة في الموضوع عن غيرها ، وهو أحد امور :
الأوّل : العقل ، فيقال : إنّ مقتضاه كون جميع القيود قيودا للموضوع مأخوذة فيه ، فيكون
____________________________________
وكيف كان ، فاعتبار بقاء الموضوع ممّا لا شكّ فيه في جريان الاستصحاب ، وإنّما الكلام في تمييز ما هو الموضوع الذي يجب إحرازه في الاستصحاب.
وبعبارة اخرى : إنّ الكبرى ـ أعني : اعتبار بقاء الموضوع في الاستصحاب ـ ممّا لا كلام فيه ، وإنّما الكلام في الصغرى أعني : الموضوع ، فلا بدّ من ميزان يميّز به الموضوع ، كما أشار إليه بقوله :
فلا بدّ من ميزان يميّز به القيود المأخوذة في الموضوع عن غيرها ، ثمّ يذكر امورا يمكن جعل أحد هذه الامور ميزانا لتميّز الموضوع عن غيره وهي ثلاثة :
(الأوّل) هو العقل ، و (الثاني) هو لسان الدليل ، و (الثالث) هو فهم العرف كما يأتي تفصيل ذلك في المتن.
ثمّ ما تقدّم من المصنف قدسسره من أنّه كثيرا ما يقع الشكّ في الحكم من جهة الشكّ في تردّد الموضوع بين ما هو مقطوع الارتفاع وما هو مقطوع البقاء ، مبتن على أن يكون الميزان في معرفة الموضوع هو دقّة العقل لا لسان الدليل أو فهم العرف.
وحينئذ فإذا قلنا بأنّ الميزان في بقاء الموضوع هو دقّة العقل لا يجري الاستصحاب في أكثر الموارد ، وذلك لاحتمال مدخليّة ما عدم من بعض القيود في الموضوع. وكيف كان ، فالميزان الذي يتميّز به الموضوع لا يخلو عن أحد امور ، كما أشار إليه بقوله :
وهو أحد امور : الأوّل : العقل ، فيقال : إنّ مقتضاه كون جميع القيود المذكورة في الكلام سواء كانت قيودا للموضوع أو المحمول ، أو الحكم ـ مثال الأوّل نحو الماء المتغيّر نجس ، ومثال الثاني نحو الماء نجس عند التغيّر ، ومثال الثالث نحو النجاسة ثابتة عند التغيّر للماء ـ راجعة في الحقيقة إلى قيود الموضوع ، كما أشار إليه بقوله :
قيودا للموضوع ، لأن الموضوع للنجاسة في الحقيقة هو الماء المتغيّر في جميع الأمثلة المذكورة ، فلا بدّ من إحرازها في الاستصحاب ؛ لأن الاستصحاب هو إثبات عين الحكم السابق لعين الموضوع ، السابق نظرا إلى ما عرفت من اعتبار وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوكة موضوعا ومحمولا ، ثمّ الحكم بالعينيّة لا يتمّ إلّا بعد إحراز جميع القيود