وهل يحكم بتقارنهما في مقام يتصوّر التقارن ، لأصالة عدم كلّ منهما قبل وجود الآخر؟ وجهان ، من كون التقارن أمرا وجوديّا لازما ، لعدم كون كلّ منهما قبل الآخر ، ومن كونه من اللوازم الخفيّة حتى كاد يتوهّم أنّه عبارة عن عدم تقدّم أحدهما على الآخر في الوجود ، وإن كان أحدهما معلوم التاريخ ، فلا يحكم على المجهول التاريخ إلّا بأصالة عدم وجوده في تاريخ ذلك ، لا تأخّر وجوده عنه بمعنى حدوثه بعده.
____________________________________
والتقارن جميعا ، إذ لو علم تقدّم أحدهما على الآخر هل يمكن الحكم بالتقارن أم لا؟ ففيه وجهان :
الأوّل ـ وهو عدم إثبات التقارن بأصالة عدم كلّ منهما قبل وجود الآخر ـ : ما أشار إليه بقوله :
من كون التقارن أمرا وجوديّا ووصفا خاصا لازما عقليّا ، لعدم كون كلّ منهما قبل الآخر ، فتكون أصالة عدم كلّ منهما قبل وجود الآخر من الاصول المثبتة التي لا يعتدّ بها.
والثاني ـ وهو إثبات التقارن بالأصل المذكور ـ : ما أشار إليه بقوله :
ومن كونه من اللوازم الخفيّة حتى كاد يتوهّم أنّه عبارة عن عدم تقدّم أحدهما على الآخر في الوجود.
وقد تقدّم أنّ الأصل المثبت فيما إذا كانت الواسطة خفيّة حجّة عند المصنّف قدسسره ، فيمكن إثبات التقارن به حينئذ.
وبالجملة ، إذا فرضنا ترتّب الأثر على التقارن ، كما لو نذر أحد درهمين لمصلّيين متقارنين ، فشكّ في حصوله ، فلا إشكال في عدم جريان أصالة التقارن لما عرفت من عدم سبق اليقين به ، ولا في أصالة عدم التقارن لأنّه عدم أزليّ ، كما في شرح الاعتمادي.
وإنّما الإشكال في إجراء أصالة عدم كلّ منهما قبل الآخر لإثبات التقارن ، وعرفت ما فيه من الوجهين. هذا تمام الكلام في حكم الصورة الاولى. وأمّا حكم الصورة الثانية ، فقد أشار إليه بقوله :
وإن كان أحدهما معلوم التاريخ ، فلا يحكم على مجهول التاريخ إلّا بأصالة عدم وجوده في تاريخ ذلك ، لا تأخّر وجوده عنه بمعنى حدوثه بعده.
وحاصل الكلام أنّ الأصل لا يجري في معلوم التاريخ ؛ وذلك لعدم تصوّر الشكّ فيه