وإن قلنا بأنّها غير كاشفة بنفسها عن الملكيّة أو أنّها كاشفة ـ لكنّ اعتبار الشارع له ليس من هذه الحيثيّة ، بل جعلها في محلّ الشكّ تعبّدا ، لتوقّف استقامة نظام معاملات العباد على اعتبارها ، نظير أصالة الطهارة ، كما يشير قوله عليهالسلام في ذيل رواية حفص بن غياث الدالّة على الحكم بالملكيّة على ما في يد المسلمين : (ولو لا ذلك لما قام للمسلمين سوق) (١)
____________________________________
فالشكّ في بقاء الملكيّة السابقة في مورد اليد ليس من الشكّ المعتبر في الاستصحاب ، كي يجري الاستصحاب.
وبالجملة ، إنّ اليد تكون معتبرة من باب الغلبة ، كما هو ظاهر المصنف قدسسره بمعنى : إنّا تتبّعنا أغلب موارد الأيادي الثابتة على الأعيان فوجدنا كون ثبوتها على الملكيّة ، فنلحق المشكوك بها ، لأنّ الظنّ يلحق الشيء بالأعمّ الأغلب ، واعتبار الشارع إيّاها إمضاء منه لتلك الغلبة ، لا أنّه إنشاء منه مستقلّا ، فإنّ كون اليد دليلا على الملك أمر مقرّر في جميع الأديان ، وحينئذ يكون اعتبار اليد من باب الدليليّة ، ومن الواضح أنّ الدليل مقدّم على الأصل. هذا تمام الكلام في القول الأوّل.
وأشار إلى قول الدليل الثاني بقوله :
وإن قلنا بأنّها غير كاشفة بنفسها عن الملكيّة أو أنّها كاشفة لكنّ اعتبار الشارع له ليس من هذه الحيثيّة ، بل جعلها في محلّ الشكّ تعبّدا.
ثمّ بيّن وجه ذلك بقوله :
لتوقّف استقامة نظام معاملات العباد على اعتبارها ، نظير أصالة الطهارة ، كما يشير قوله عليهالسلام في ذيل رواية حفص بن غياث الدالّة على الحكم بالملكيّة على ما في يد المسلمين.
قد تقدّم جواز استناد الشاهد في الشهادة إلى اليد بهذه الرواية في بحث القطع ، وهي من الروايات المشهورة رواها حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال له رجل : إذا رأيت شيئا في يد رجل أيجوز لي أن أشهد أنّه له ...؟ قال : نعم ، قال الرجل : أشهد أنّه في يده ولا أشهد أنّه له ، فلعلّه لغيره ، فقال عليهالسلام : أفيحل الشراء منه؟ قال : نعم. قال عليهالسلام : (فلعلّه لغيره ، ومن أين جاز لك أن تشتريه ، ويصير ملكا لك ، ثمّ تقول بعد ذلك : الملك لي وتحلف عليه ، ولا)
__________________
(١) الكافي ٧ : ٣٨٧ / ١. الفقيه ٣ : ٣١ / ٩٢. التهذيب ٦ : ٢٦٢ / ٦٩٥. الوسائل ٢٧ : ٢٩٣ ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ، ب ٢٥ ، ح ٢.