إلّا إنّ تقييد ذلك في الروايات بالخروج عنه ومضيّه والتجاوز عنه ، ربّما يصير قرينة على إرادة كون وجود أصل الشيء مفروغا عنه ، وكون الشكّ فيه باعتبار الشكّ في بعض ما يعتبر فيه شرطا أو شطرا.
____________________________________
الأمر دائر بين الحكم بإرادة المعنى الأوّل أو الثاني. هذا تمام الكلام في مقام الثبوت في الشكّ ، فيقع الكلام في المقام الثاني ، أعني : مقام الإثبات.
فإن كانت الأخبار في هذا الباب ظاهرة في الاحتمال الأوّل من الاحتمالات المذكورة في الشكّ لدلّت على قاعدة التجاوز ، وإن كانت ظاهرة في الاحتمال الثاني لدلّت على قاعدة الفراغ.
وبيان ذلك : إنّ الشكّ في الشيء فيما إذا كان مدخول كلمة في هو المشكوك ظاهر في الشكّ في وجوده ، كما أشار إليه بقوله :
إنّ الشكّ في الشيء ظاهر ـ لغة وعرفا ـ في الشكّ في وجوده.
كالشكّ في وجود الحمد بعد الدخول في السورة مثلا. هذا بخلاف ما إذا كان مدخول كلمة في ظرفا للمشكوك ، كمثال : شككت في الصلاة في إتيان السورة ، ويقال : هذا الكلام بعد الفراغ عن الصلاة ، فيكون ظاهره وجود أصل الصلاة ، إلّا إنّ الشكّ في إتيان السورة موجب للشّك في صحّة الصلاة ، فينطبق على قاعدة الفراغ. هذا تمام الكلام في مقام الإثبات على نحو القاعدة الكلّية ثمّ نرجع إلى توضيح العبارة طبقا لما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
فنظرا إلى نفس الشكّ ـ المذكور في هذه الأخبار ـ الظاهر في الشكّ في أصل وجود الشيء تكون الأخبار ظاهرة في قاعدة التجاوز.
إلّا إنّ تقييد ذلك أي : الشكّ في الروايات بالخروج عنه كما في قوله عليهالسلام : إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكّك ليس بشيء (١) ومضيّه كما في قوله عليهالسلام : كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه (٢) والتجاوز عنه ، كما في رواية اسماعيل (٣) وموثّقة ابن
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٥٢ / ١٤٥٩. الوسائل ٨ : ٢٣٧ ، ابواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢٣ ، ح ١.
(٢) التهذيب ٢ : ٣٤٤ / ١٤٢٦. الوسائل ٨ : ٢٣٨ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢٣ ، ح ٣.
(٣) التهذيب ٢ : ١٥٣ / ٦٠٢. الوسائل ٦ : ٣١٨ ، أبواب الركوع ، ب ١٣ ، ح ٤.