وثانيا : إنّ اختلاف الأشخاص لا يمنع عن الاستصحاب وإلّا لم يجر استصحاب عدم النسخ. وحلّه : إنّ المستصحب هو الحكم الكلّي الثابت للجماعة على وجه لا مدخل لأشخاصهم فيه.
____________________________________
أنّه ما هلك قوم نبيّ كهلاكة قوم نوح ، وقد بقى معه في الفلك من بقي من المكلّفين.
نعم ، يتصوّر ما ذكر من وجود مدرك الشريعتين في أوائل حدوث الشريعة اللاحقة ، وربّما يحصل الشكّ في بقاء حكم بعد مضي مدّة لا يوجد فيها مدرك الشريعتين حتى يتمسّك بالاستصحاب ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي. ثمّ أشار إلى الجواب الثاني عن الإشكال المذكور أو إلى ردّه بقوله :
وثانيا : إنّ اختلاف الأشخاص لا يمنع عن الاستصحاب وإلّا لم يجر استصحاب عدم النسخ ، مع أنّ استصحاب عدم النسخ يكون من المسلّمات عند الاصولي والأخباري. وقياس استصحاب عدم أحكام الشريعة السابقة باستصحاب عدم النسخ والملازمة بينهما نفيا وإثباتا يتّضح بعد مقدّمة ، وهي :
إنّ ما ذكر من المانع وهو تغاير الموضوع بعينه موجود في استصحاب عدم النسخ ، فكما أنّ الأشخاص الموجودين في الشريعة السابقة ربّما كانوا غير الموجودين في الشريعة اللّاحقة ، فكذلك أنّ الأشخاص الموجودين في زمن الخطاب والصدر الأوّل ربّما كانوا غير الأشخاص الموجودين في زمان الشكّ في النسخ. إذا عرفت هذه المقدّمة يتّضح لك وجه الملازمة بين الاستصحابين المذكورين.
فنقول : إنّه لو كان المانع عن استصحاب أحكام الشريعة السابقة هو تغاير الموضوع باختلاف الأشخاص ، لكان هذا المانع بعينه موجودا في استصحاب عدم النسخ ، فلو لم يجر استصحاب أحكام الشريعة السابقة لم يجر استصحاب عدم النسخ والتالي باطل ، كما مرّ فالمقدّم مثله والملازمة واضحة كما عرّفت ، والنتيجة هي جريان استصحاب أحكام الشريعة السابقة لكون اختلاف الأشخاص غير مانع عنه ، كما لا يكون مانعا عن استصحاب عدم النسخ.
وحلّه : إنّ المستصحب هو الحكم الكلّي الثابت للجماعة على وجه لا مدخل لأشخاصهم فيه.