الأمر السادس
____________________________________
الأمر السادس : الذي يبحث فيه عن الأصل المثبت ، وقد اختلف الاصوليون في اعتباره وعدم اعتباره بعد اتفاقهم ظاهرا على اعتبار مثبتات الأمارات ، والمصنّف قدسسره ممّن يقول بعدم اعتبار مثبتات الاصول ، ثمّ الوجه في عدم اعتبار مثبتات الاصول يتّضح بعد بيان أمرين :
الأوّل : بيان ما هو المراد بالمثبت في المقام.
والثاني : بيان الفرق بين الأمارات والاصول من حيث مناط الحجّيّة والاعتبار.
وأمّا الأمر الأوّل ، فملخّصه أنّ المراد بالمثبت في خصوص المقام أمارة كان أو أصلا على ما يظهر من كلماتهم ؛ هو ترتيب الآثار الشرعيّة على مؤدّى الأمارة أو الأصل بواسطة الآثار واللوازم العقليّة أو العاديّة.
وأمّا الأمر الثاني ، وهو الفرق بينهما من حيث مناط الحجّيّة ، فحاصله أنّ المناط في اعتبار الأمارات إنّما هو جهة طريقيّتها إلى الواقع وكشفها وحكايتها عمّا تؤدّي إليه ، بمعنى أنّ الشارع نزّلها بمنزلة القطع وألغى احتمال الخلاف.
وتوضيح ذلك : إنّ القطع كاشف عن الواقع بالكشف التامّ لا يجتمع مع احتمال الخلاف ، والأمارة كاشفة بالكشف الناقص يجتمع مع احتمال الخلاف ، ثم الشارع أكمل كشفها الناقص بأدلّة اعتبارها ، فصارت بعد ذلك كالقطع والعلم.
غاية الأمر تكون طريقيّة القطع ذاتيّة لا تنالها يد الجعل ، كما عرفت في بحث القطع ، وتكون طريقيّة الأمارات مجعولة بنحو تتميم الكشف ، وبعد انكشاف المؤدّى بها يترتّب عليه جميع ما للمؤدّي من الخواص والآثار.
وأنّ المناط في اعتبار الاصول ليس جهة الكشف ولو كانت لها جهة الكشف كالاصول المحرزة ، بل المناط فيها هو مجرّد تطبيق العمل على المؤدّى ، وهو لا يقتضي أزيد من إثبات نفس المؤدّى أو ما يترتّب عليه من الحكم الشرعي بلا واسطة أصلا ، والأوّل فيما إذا كان نفس المستصحب حكما شرعيا ، والثاني فيما إذا كان من الموضوعات.
إذا عرفت هذين الأمرين يتّضح لك الوجه فيما ذهب إليه المصنّف قدسسره وهو المشهور بين