ويظهر ـ أيضا ـ فساد التمسّك باستصحاب البراءة والاشتغال الثابتين بقاعدتي البراءة والاشتغال.
مثال الأوّل : ما إذا قطع بالبراءة عن وجوب غسل الجمعة والدعاء عند رؤية الهلال قبل الشرع أو العثور عليه.
فإنّ مجرّد الشكّ في حصول الاشتغال كاف في حكم العقل بالبراءة ولا حاجة إلى إبقاء البراءة السابقة والحكم بعدم ارتفاعها ظاهرا. فلا فرق بين الحالة السابقة واللّاحقة في استقلال العقل بقبح التكليف فيهما ، لكون المناط في القبح عدم العلم.
____________________________________
مع عدم جريان الاستصحاب فيه ، كما سننبّه عليه بقولنا : لكنّه لا يقضي بوجوب الإتيان بالصلاة مع السورة .. إلى آخره.
ويظهر ـ أيضا ـ فساد التمسّك باستصحاب البراءة والاشتغال الثابتين بقاعدتي البراءة والاشتغال.
مثال الأوّل ، أي : مثال استصحاب البراءة هو : ما إذا قطع بالبراءة عن حرمة شرب التتن وعن وجوب غسل الجمعة والدعاء عند رؤية الهلال قبل الشرع أو العثور عليه.
وحاصل توهّم التمسّك باستصحاب البراءة أنّ كلّ واحد من وجوب غسل الجمعة والدعاء وحرمة شرب التتن قبل الشرع أو قبل اطّلاع المكلّف على الشرع كان مجرى قاعدة البراءة ، أعني : قبح العقاب بلا بيان ، فإذا شكّ في حدوث تكليف بواحد منها في الشرع تستصحب البراءة العقليّة الثابتة قبل الشرع.
ووجه الفساد أنّ موضوع حكم العقل بالبراءة هو عدم البيان ، وهو متحقّق بعد الشرع ، فالعقل يحكم بالبراءة بعد الشرع كما يحكم بها قبله من دون حاجة إلى الاستصحاب أصلا إذ لا شكّ في حكم العقل بالبراءة ، بل يحكم بها بمجرّد الشكّ في ثبوت التكليف بعد الشرع ، كما أشار إليه بقوله :
فإنّ مجرّد الشكّ في حصول الاشتغال في الشرع كاف في حكم العقل بالبراءة ... إلى آخره.
وحاصل فساد التمسّك بالبراءة الأصليّة ، هو أنّ مجرّد الشكّ في اشتغال الذمة علّة تامّة لحكم العقل بالبراءة على نحو القطع من جهة قبح العقاب بلا بيان ، فلا يبقى هناك