وإن كان مدركهما تعبّد الشارع بهما في مواردهما فدليل القرعة حاكم عليهما كما لا يخفى. لكن ذكر في محلّه أنّ أدلّة القرعة لا يعمل بها بدون جبر عمومها بعمل الأصحاب أو جماعة منهم ، والله العالم.
____________________________________
بها إلّا في موارد انجبر ضعفها بعمل الأصحاب بها ؛ وذلك لأنّ الموارد التي لم يعمل فيها بالقرعة إنّما هو لعدم اشتباه الحكم الظاهري فيها لجريان قاعدة من القواعد الظاهريّة ، لا لأجل تخصيص أدلّة القرعة ، فلم تثبت كثرة التخصيص فيها الموجبة لوهنها.
نعم ، قد يعمل بالقرعة في بعض الموارد مع جريان القاعدة الظاهريّة للنصّ الخاصّ الوارد فيه ، كما إذا اشتبه غنم موطوءة في قطيع ، فإنّه ورد نصّ دالّ على أنّه ينصّف القطيع ويقرع ثمّ يجعل نصفين ويقرع وهكذا إلى أن يعين الموطوء ، فيجتنب عنه دون الباقي ، ولو لا النصّ الخاصّ لكان مقتضى القاعدة هو الاحتياط والاجتناب عن الجميع». انتهى مورد الحاجة.
وإن كان مدركهما تعبّد الشارع بهما في مواردهما فدليل القرعة حاكم عليهما كما لا يخفى.
لأنّ موضوع الإباحة الشرعيّة هو الشكّ في الحلّية ، وموضوع الاحتياط الشرعي هو الشكّ في المكلّف به ، والشكّ وإن كان لا يزول بالقرعة إلّا أنّ دليل القرعة مفسّر لدليلهما ، وأنّ المراد من الشكّ غير الشكّ الموجود مع القرعة وأنّه ليس بشكّ ، ثمّ إنّ ما ذكرنا من ورود القرعة أو حكومتها على هذه الاصول إنّما هو في الشبهات الموضوعيّة ، وأمّا الشبهات الحكميّة فلا تجري فيها القرعة أصلا حتى تكون واردة أو حاكمة على الاصول كما في شرح الاعتمادي.
وكذا قال سيدنا الاستاذ بعدم جواز الرجوع إلى القرعة في الشبهات الحكميّة أصلا ، إذ المرجع في جميع الشبهات الحكميّة هي الاصول العمليّة التي مفادها أحكام ظاهريّة ، فإنّ الشبهة الحكميّة إن كانت لها حالة سابقة فالمرجع فيها هو الاستصحاب ، وإلّا فإن كان الشكّ في التكليف فيرجع إلى قاعدة البراءة ، وإن كان الشكّ في المكلّف به فلا بدّ من الاحتياط. هذا تمام الكلام في تعارض الاستصحاب مع القرعة ، وقد خرجنا في البحث عن مقتضى الكتاب للفائدة.