وربّما يجعل العمل بالأدلّة في مقابل الاستصحاب من باب التخصّص ، بناء على أنّ المراد من الشكّ عدم الدليل والطريق والتحيّر في العمل ، ومع قيام الدليل الاجتهادي لا حيرة.
____________________________________
للبيّنة التي منها استصحاب الطهارة.
وحاصل الكلام على ما في شرح الاعتمادي أنّ موضوع الاستصحاب هو الشكّ ، وبديهيّ أنّه لا يرتفع بقيام البيّنة ، فإذا كان الثوب طاهرا فشكّ في بقاء طهارته وقامت البيّنة على نجاسته ، فمقتضى أدلّة الاستصحاب لو لا دليل اعتبار البيّنة إجراء الاستصحاب حتى مع قيام البيّنة على الخلاف.
إلّا أنّ معنى اعتبار البيّنة على النجاسة تنزيل لمؤدّاها منزلة الواقع ، ومعناه عدم الاعتناء باحتمال الخلاف ، أي : احتمال بقاء الطهارة ، ولازمه عدم إجراء استصحاب الطهارة ، فدليل البيّنة مفسّر لدليل الاستصحاب بتضييق موضوعه وهو الشكّ ، بمعنى أنّ الشكّ مع البيّنة ليس بشكّ ، وتوسيع غايته وهو العلم بالنقض بمعنى أنّ البيّنة علم فنقض اليقين السابق بها ليس نقض اليقين بالشكّ.
ومعلوم أنّه لو لم يحكم الشارع بالاستصحاب عند احتمال بقاء الطهارة مثلا المعبّر عنه باحتمال الخلاف ، لكان دليل البيّنة الدالّ على إلغاء احتمال الخلاف لغوا ، وقد عرفت أنّ حكومة الأمارات لا تختصّ بالاستصحاب ، بل أنّها حاكمة على جميع الاصول الشرعيّة.
وربّما يجعل ، كما يظهر من جمع من المتأخّرين منهم صاحب الفصول على ما في شرح الاعتمادي.
العمل بالأدلّة في مقابل الاستصحاب من باب التخصّص بمعنى الورود لا التخصّص بمعناه الاصطلاحي.
والظاهر أنّ التخصيص كما في بعض النسخ خطأ من الناسخ أو المطبعة.
وكيف كان ، فقد يظهر من جمع أنّ تقديم الأدلّة على الاستصحاب من باب الورود ، وذلك بناء على أنّ المراد من الشكّ الذي هو موضوع الاستصحاب ليس هو عدم العلم الذي لا يرتفع إلّا بالعلم ، بل هو عدم الدليل والطريق والتحيّر في العمل.
ومن المعلوم أنّ الموضوع بالمعنى المذكور يرتفع وجدانا مع الدليل والطريق على