إلّا أنّ الشارع حكم في بعض هذه الموارد بارتفاع الحكم السابق ؛ إمّا للنصّ ، كما في الخمر المستحيل خلّا ، وإمّا لعموم دليل ما دلّ على حكم المنتقل إليه ، فإنّ الظاهر أنّ استفادة طهارة المستحال إليه إذا كان بولا لمأكول ليس من أصالة الطهارة بعد عدم جريان الاستصحاب ، بل هو من الدليل ، نظير استفادة نجاسة بول المأكول إذا صار بولا لغير المأكول.
ومن الثالث : استحالة العذرة او الدّهن المتنجّس دخانا والمنيّ حيوانا ، ولو نوقش في بعض الأمثلة المذكورة ، فالمثال غير عزيز على المتتبّع المتأمّل.
وممّا ذكرنا يظهر أنّ معنى قولهم : «الأحكام تدور مدار الأسماء» ، أنّها تدور مدار أسماء
____________________________________
ونحوه ، وإجراء حكم الزوجيّة بعد الموت ونجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره. فالموضوع في هذه الأمثلة باق عرفا فيجري الاستصحاب لو شكّ في بقاء الحكم من جهة مدخليّة العنوان في الحكم بقاء.
إلّا أن يدلّ دليل خارجي على ارتفاع الحكم السابق فلا يبقى حينئذ مجال للاستصحاب ، كما أشار إليه بقوله :
إلّا أنّ الشارع حكم في بعض هذه الموارد بارتفاع الحكم السابق ، إمّا للنصّ الخاصّ ، كما في الخمر المستحيل خلّا ، وإمّا لعموم دليل ما دلّ على حكم المنتقل إليه.
كدليل طهارة بول المأكول ونجاسة بول غير المأكول في المثال الأوّل ، ودليل حلّيّة الخلّ في المثال الثاني ، ودليل نجاسة الميّتة في المثال الثالث ، فلو لا الدليل الدالّ على حكم المنتقل إليه في الامثلة المذكورة لجرى الاستصحاب فيثبت به حكم المنتقل عنه للمنتقل إليه ، كما يستصحب الزوجيّة ونجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره. وذلك لبقاء الموضوع عرفا في الأمثلة المذكورة ، إلّا أنّ الدليل الخارجي على ارتفاع الحالة السابقة مانع عن الاستصحاب.
ومن الثالث : استحالة العذرة أو الدهن المتنجّس دخانا والمنيّ حيوانا ، ولو نوقش في بعض الأمثلة المذكورة للمراتب الثلاث لتغيّر الموضوع ، بأن يقال بانتفاء الموضوع عرفا عند انقلاب الخمر خلّا وبالعكس.
فالمثال غير عزيز على المتتبّع المتأمّل ، كمثال استحالة العظم أو الخشب فحما وانتقال دم الإنسان إلى البرغوث مثلا ، حيث يكون الموضوع باقيا عرفا في هذه الأمثلة.