أمّا العقل ، فواضح ، لأنّ العقل لا يحكم بقبح العقاب إلّا مع عدم الدليل على التكليف ، واقعا أو ظاهرا.
وأمّا النقل ، فما كان منه مساوقا لحكم العقل فقد اتّضح أمره ، والاستصحاب وارد عليه.
وأمّا مثل قوله عليهالسلام : (كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي) (١) فقد يقال : إنّ مورد
____________________________________
فيرتفع موضوع حكم العقل وجدانا ، كما أشار إليه بقوله :
لأنّ العقل لا يحكم بقبح العقاب إلّا مع عدم الدليل على التكليف ، واقعا أو ظاهرا.
فلا تجري البراءة العقليّة في مورد الاستصحاب ، كما إذا غلى العصير العنبي وذهب ثلثاه بالهواء لا بالنار ، فشكّ في حلّيته وحرمته ، لا يحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، وذلك لوجود البيان الظاهري ، أعني : استصحاب الحرمة ، كما لا يحكم به بعد الغليان لوجود البيان الواقعي ، وهو الدليل على أنّ العصير إذا غلى يحرم.
وكيف كان ، فالاستصحاب وارد على البراءة العقليّة.
وأمّا النقل ، فما كان منه مساوقا لحكم العقل بأن يكون مفاده عدم التكليف والمؤاخذة مع عدم بيان التكليف كقوله صلىاللهعليهوآله : رفع عن امّتي ما لا يعلمون (٢) ، والناس في سعة ما لا يعلمون (٣) وغيرهما فقد اتّضح أمره من البراءة العقليّة حيث يكون الاستصحاب واردا على النقل أيضا ، لأنّه بيان شرعا يرتفع به عدم البيان ، فانّ موضوع البراءة الشرعيّة هو عدم البيان أصلا وعدم العلم بالتكليف.
وأمّا مثل قوله عليهالسلام : (كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي) وقوله عليهالسلام : (كلّ شيء لك حلال حتى تعلم أنّه حرام) (٤) ، ففيه أقوال :
١ ـ ورود الاستصحاب عليها.
٢ ـ تعارضه معها.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٣٧. الوسائل ٢٧ : ١٧٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٧.
(٢) التوحيد : ٣٥٣ / ٢٤. الخصال ٢ : ٤١٧ / ٩. الوسائل ١٥ : ٣٦٩ ، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ، ب ٥٦ ، ح ١.
(٣) الرسائل التسع (المحقّق الحلّي) : ١٣٢. غوالي اللآلئ ١ : ٤٢٤ / ١٠٩.
(٤) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٤٠. التهذيب ٧ : ٢٢٦ / ٩٨٩. الوسائل ١٧ : ٨٩ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ٤.