ثمّ الدليل على اعتبار هذا الشرط في جريان الاستصحاب واضح ، لأنه لو لم يعلم تحقّقه لاحقا ، فإذا اريد إبقاء المستصحب العارض له المتقوّم به ، فإمّا أن يبقى في غير محلّ وموضوع ، وهو محال ، وإمّا أن يبقى في موضوع غير الموضوع السابق.
____________________________________
فالمستصحب هو وجود زيد والموضوع هو نفس زيد الصالح للأمرين.
وإن شكّ في بقاء شيء متعلّق بشيء آخر ، كالشكّ في بقاء قيام زيد أو بقاء وجوب الصلاة ، فالمتداول عندهم هو أنّ المستصحب نفس ذلك الشيء ، أعني : القيام في المثال الأوّل والوجوب في المثال الثاني ، وموضوعه معروضه ، أعني : زيدا في المثال الأوّل والصلاة في المثال الثاني. وإن كان المستصحب هنا ـ أيضا ـ كالفرض الأوّل هو وجود القيام ووجود الوجوب وموضوعه هو نفس القيام ونفس الوجوب.
ثمّ الدليل على اعتبار هذا الشرط في جريان الاستصحاب واضح.
ويمكن الاستدلال على اعتبار بقاء الموضوع في جريان الاستصحاب بوجوه :
منها : ما تقدّم من استفادة ذلك من نفس أدلّة الاستصحاب ، وهي الأخبار كقوله عليهالسلام : لا تنقض اليقين بالشكّ (١) ولا يصدق نقض اليقين بالشكّ إلّا مع بقاء الموضوع ، كي تكون القضيّة المتيقّنة متحدة مع القضيّة المشكوكة من حيث الموضوع.
ومنها : هو الإجماع ، كما حكي عن بعض ، والمراد به اتفاق العلماء ، لا الإجماع المصطلح ؛ لأن بيان اعتبار بقاء الموضوع في تحقّق مفهوم الاستصحاب ليس من وظيفة الشارع.
ومنها : هو الدليل العقلي ، كما أشار إليه بقوله :
فإمّا أن يبقى في غير محلّ وموضوع ، وهو محال ، لأن قيام العرض في الخارج بلا موضوع محال.
وهذا المحذور إنّما يلزم في فرض عدم تحقّق الموضوع وعدم إحرازه حين إبقاء المستصحب العارض له بالاستصحاب ، فلا بدّ من بقاء الموضوع كي لا يلزم ثبوت العرض في الخارج بلا موضوع.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٨ / ١١ ، الوسائل ١ : ٢٤٥ ، أبواب نواقض الوضوء ، ب ١ ، ح ١.