واعلم : أنّه قد يوجد شيء في زمان ويشكّ في مبدئه ، ويحكم بتقدّمه ، لأنّ تأخّره لازم لحدوث حادث آخر قبله ، والأصل عدمه ، وقد يسمّى ذلك بالاستصحاب القهقري ، مثاله : إنّه إذا ثبت أنّ صيغة الأمر حقيقة في الوجوب في عرفنا ، وشكّ في كونها كذلك قبل ذلك ، حتى تحمل خطابات الشارع على ذلك ، فيقال : مقتضى الأصل كون الصيغة حقيقة فيه في ذلك الزمان بل قبله ، إذ لو كانت في ذلك الزمان حقيقة في غيره لزم النقل وتعدّد الوضع ، والأصل عدمه.
وهذا إنّما يصحّ بناء على الأصل المثبت ، وقد استظهرنا سابقا أنّه متفق عليه في الاصول اللفظيّة ، ومورده صورة الشكّ في وحدة المعنى وتعدّده.
____________________________________
جهة تعارض الاستصحابين في الصورتين.
واعلم : أنّه قد يوجد شيء في زمان ويشكّ في مبدئه.
ومن هنا يبدأ المصنف قدسسره في بيان الاستصحاب القهقري ، ويسمّى أيضا بالاستصحاب المعكوس وأصالة التقدّم.
ولا دليل على اعتبار هذا الأصل بأحد عناوينه المذكورة ؛ وذلك فإنّ أخبار الباب لا تشملها ، لظهورها فيما إذا كان اليقين في السابق والشكّ في اللّاحق ، والأمر في هذا الاستصحاب بالعكس ، حيث يكون اليقين في اللّاحق والشكّ في السابق ، لأنا نعلم بأنّ الأمر حقيقة في الوجوب في عرفنا بالفعل ، والشكّ في أنّه هل كان كذلك في السابق أم لا؟
بل كان بمعنى الندب وقد نقل عنه بمعنى الوجوب ويحكم بتقدّمه بأصالة التقدّم أو بقاعدة عدم النقل وعدم تعدّد الوضع ، لأن تأخّره لازم لحدوث حادث آخر قبله ، كالنقل وتعدّد الوضع ، والأصل عدمه.
فهذا الأصل ليس باستصحاب مصطلح عند الاصوليين إلّا أنّه قد يسمّى مجازا بالاستصحاب القهقري ، كما في المتن ، هذا مع أنّه أصل مثبت ، كما أشار إليه بقوله :
وهذا إنّما يصحّ بناء على الأصل المثبت ؛ لأن أصالة عدم حدوث النقل والوضع الجديد يستلزم عقلا كون هذا المعنى العرفي هو الموضوع له الأولى.
وقد استظهرنا سابقا عند دعوى الاتّفاق على اعتبار الاستصحاب في العدميّات. أنّه متفق عليه في الاصول اللفظيّة.