بقي الكلام في وجود مدرك للقاعدة الثانية غير هذه الأخبار ، فنقول :
إنّ المطلوب من تلك القاعدة إمّا أن يكون إثبات حدوث المشكوك فيه وبقائه مستمرّا إلى اليقين بارتفاعه ، وإمّا أن يكون مجرّد حدوثه في الزمان السابق بدون إثباته بعده ، بأن يراد إثبات عدالة زيد في يوم الجمعة فقط ، وإمّا أن يراد مجرّد إمضاء الآثار التي ترتّبت عليها سابقا وصحّة الأعمال الماضية المتفرعة عليه. فإذا تيقّن الطهارة سابقا وصلّى بها ثمّ شكّ في
____________________________________
فلا محالة يقع التعارض بينهما فلا يمكن اجتماعهما في دليل واحد ، إذ جعل الحجيّة للمتعارضين بجعل واحد غير معقول ، فلا يمكن شمول دليل واحد للاستصحاب والقاعدة معا ، كما في تقرير سيّدنا الاستاذ مع تلخيص منّا.
بقي الكلام في وجود مدرك للقاعدة الثانية غير هذه الأخبار ، كأصالة الصحّة في اعتقاد المسلم وفعله ، أو ما دلّ على عدم الاعتناء بالشكّ بعد تجاوز المحلّ أو الفراغ.
يذكر المصنف قدسسره ثلاثة احتمالات فيما يمكن أن يكون مطلوبا من قاعدة اليقين.
الاحتمال الأوّل : ما أشار إليه بقوله :
إنّ المطلوب من تلك القاعدة إمّا أن يكون إثبات حدوث المشكوك فيه وبقائه مستمرا إلى اليقين بارتفاعه.
بأن يحكم بعد اليقين بعدالة زيد يوم الجمعة والشكّ فيها بحكمين : أحدهما الحكم بوجود العدالة ، والآخر الحكم ببقائها بمعنى ترتيب آثار وجود العدالة ، كصحّة الصلاة التي صلّى خلفه يوم الجمعة ، وآثار البقاء كجواز الاقتداء على زيد فيما بعد يوم الجمعة إلى العلم بارتفاع العدالة.
والاحتمال الثاني : ما أشار إليه بقوله :
وإمّا أن يكون مجرّد حدوثه في الزمان السابق بدون إثباته بعده ، بأن يراد إثبات عدالة زيد في يوم الجمعة فقط.
بأن يحكم بصحّة الصلاة التي صلّى خلفه يوم الجمعة فقط ، وبوجوب دفع الدرهم للفقير بعد يوم الجمعة أيضا ، إذا نذر إعطاء درهم في كلّ يوم مدّة الاسبوع للفقير على تقدير وجود عدالة زيد يوم الجمعة.