أقول : لا إشكال في أنّه يعتبر في الاستصحاب تحقّق المستصحب سابقا ، والشكّ في ارتفاع ذلك المحقّق ، ولا إشكال أيضا في عدم اعتبار أزيد من ذلك.
ومن المعلوم أنّ تحقّق كلّ شيء بحسبه. فإذا قلنا : العنب يحرم ماؤه إذا على أو بسبب الغليان ، فهناك لازم وملزوم وملازمة. أمّا الملازمة ـ وبعبارة اخرى : سببيّة الغليان لتحريم
____________________________________
الزبيب.
انتهى كلامه رفع مقامه.
والمصنّف قدسسره ممّن يقول باعتبار الاستصحاب في الحكم التعليقي ، كالحكم التنجيزي ، وقد أشار إلى ردّ صاحب المناهل وبيان وجه صحّة الاستصحاب التعليقي بقوله :
لا إشكال في أنّه يعتبر في الاستصحاب تحقّق المستصحب سابقا ، والشكّ في ارتفاع ذلك المحقّق ، وذلك لما مرّ غير مرّة من أنّ المستفاد من تعريف الاستصحاب وأدلّته هو اعتبار اليقين بتحقّق المستصحب والشّكّ في بقائه ، ولا يعتبر في الاستصحاب أزيد من ذلك.
غاية الأمر ثبوت المستصحب على قسمين : تارة : يكون وجوده في السابق على نحو التنجيز ، واخرى : يكون وجوده في السابق على نحو التعليق.
ثمّ المعتبر في صحّة الاستصحاب هو مطلق الثبوت والوجود منجّزا كان أو معلّقا ، فالوجود التعليقي نحو من الوجود ؛ لأنّ تحقّق كلّ شيء ووجوده بحسبه ، كما أشار إليه بقوله :
ومن المعلوم أنّ تحقّق كلّ شيء بحسبه.
ومن هنا يظهر ردّ ما ذكره صاحب المناهل من بطلان الاستصحاب التعليقي ، وذلك أنّ الوجه في بطلان الاستصحاب التعليقي ، لا يخلو عن احتمالين :
الأوّل : اعتبار كون وجود الشيء منجّزا في السابق.
والثاني : إنّ الوجود التعليقي ليس بوجود أصلا ، بل هو محض العدم.
فإن كان مراد صاحب المناهل هو الاحتمال الأوّل ، ففيه أنّه لا دليل لنا على اعتبار الوجود المنجّز في صحّة الاستصحاب ، بل يكفي مطلق الوجود في الصحّة. وإن كان مراده هو الاحتمال الثاني ، ففيه أنّ الوجود
المعلّق نحوا من الوجود ، وليس عدما محضا.
وحينئذ فإذا قلنا : العنب يحرم ماؤه إذا غلى أو بسبب الغليان ، فهناك امور ثلاثة :