ولا بدّ من تقديم ما فيه إشارة إلى هذه القاعدة في الجملة ، من الكتاب والسنّة.
____________________________________
الأوّل : إنّ قاعدة الفراغ جارية بالنسبة إلى العمل الصادر من نفس الشاكّ على ما هو المستفاد من أدلّتها ، ومورد أصالة الصحّة هو عمل الغير.
الثاني : إنّ قاعدة الفراغ مختصّة بما إذا كان الشكّ بعد الفراغ من العمل ، غاية الأمر يمكن تعميمها للجزء أيضا.
وأمّا أصالة الصحّة ، فلا اختصاص لها بالشكّ بعد الفراغ ، بل هي جارية عند الشكّ في صحّة العمل في أثنائه أيضا ، كما إذا كان أحد مشغولا بالصلاة على الميت ، وشككنا في صحّة هذه الصلاة ، لاحتمال كون الميت مقلوبا مثلا ، فتجري أصالة الصحّة بلا إشكال.
وبقي الكلام في الجهة الثالثة وهي العمدة ، وقد أشار إليها بقوله :
ولا بدّ من تقديم ما فيه إشارة إلى هذه القاعدة في الجملة ، من الكتاب والسنّة.
وقبل تقريب دلالة الكتاب والسنّة على حجيّة أصالة الصحّة لا بدّ من بيان ما هو المراد من الصحيح في المقام ، كي يتّضح محلّ النزاع والكلام.
وحاصل الكلام في معنى الصحيح هو أنّ الصحيح قد يطلق في مقابل القبيح وقد يطلق في مقابل الفاسد ، فمعنى أصالة الصحّة على الأوّل هو الحمل على الحسن المباح في مقابل الحمل على القبيح المحرّم ، وعلى الثاني هو ترتيب الأثر على العمل الصادر من الغير في مقابل الفاسد ، أعني : عدم ترتيب الأثر على العمل الصادر من الغير.
ومحلّ النزاع والكلام هو الصحيح بالمعنى الثاني لا بالمعنى الأوّل ، ثمّ أصالة الصحّة بالمعنى الثاني لا تختصّ بعمل المؤمن ، بل تجري في حقّ جميع المسلمين ، بل الكافرين ـ أيضا ـ في بعض الموارد ، كما في بعض المعاملات الصادرة منهم على ما في تقرير سيدنا الاستاذ دام ظلّه مع تلخيص منّا.
ثمّ المستفاد من بعض الآيات والروايات هو أصالة الصحّة بالمعنى الأوّل كقوله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) وقوله عليهالسلام : ضع أمر أخيك على أحسنه (١).
وكيف كان ، فقد ذكر المصنف قدسسره جملة من الآيات :
__________________
(١) الكافي ٢ : ٣٦٢ / ٣. الوسائل ١٢ : ٣٠٢ ، أبواب أحكام العشرة ، ب ١٦١ ، ح ٣.