هذا كلّه مع أنّه يكفي في ثبوت الحكم في شرعنا قوله تعالى : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)(١) بناء على تفسيرها بالثابتة التي لا تنسخ.
ومنها : قوله تعالى ، حكاية عن مؤذّن يوسف عليهالسلام : (وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ)(٢) فدلّ على جواز الجهالة في مال الجعالة ، وعلى جواز ضمان ما لم يجب.
____________________________________
ظاهر الآية ، فلا يمكن الالتزام به إلّا مع القرينة وهي منتفية.
ولعلّ قوله : فتأمّل في بعض النسخ إشارة إليه.
هذا كلّه مع أنّه يكفي في ثبوت الحكم في شرعنا قوله تعالى : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) بناء على تفسيرها ـ أي : القيّمة ـ بالثابتة التي لا تنسخ. وهذا هو الجواب الثالث.
وحاصله أنّه على فرض دلالة الآية على ثبوت الحكمين في الشريعة السابقة لا يحتاج إثباتهما في شرعنا إلى الاستصحاب ، بل نفس الآية تكفي للإثبات إن كانت «القيّمة» بمعنى الثابتة لا بمعنى المستقيمة. هذا تمام الكلام في الثمرة الاولى. وقد أشار إلى الثمرة الثانية بقوله : ومنها : قوله تعالى ، حكاية عن مؤذّن يوسف عليهالسلام ويمكن أن يستدلّ بهذه الآية على إثبات امور وأحكام في الشريعة السابقة ، ثمّ إثباتها بالاستصحاب في شرعنا :
الأوّل : هو مشروعيّة أصل الجعالة.
والثاني : هو جواز الجهالة في مال الجعالة.
والثالث : هو صحّة ضمان مال الجعالة قبل العمل.
ويدلّ على الأوّل والثاني قول المؤذّن : (وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ) ودلالته على مشروعيّة أصل الجعالة واضحة لا تحتاج إلى البيان ، وأمّا دلالته على جواز الجهالة في مال الجعالة ، فلأجل أنّ حمل البعير الذي جعل مال الجعالة مجهول جنسا وقدرا ، أمّا كونه مجهولا بحسب الجنس فواضح ، وأمّا كونه مجهولا بحسب المقدار ، فلاختلافه بالزيادة والنقصان.
ويدلّ على الثالث قوله : (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) ، أي : ضامن ، حيث يدلّ على جواز ضمان ما لم يستقرّ في الذمّة بالعمل ، وهو معنى قول المصنّف قدسسره : جواز ضمان ما لم يجب ، ثمّ تثبت هذه الأحكام في شرعنا بالاستصحاب. هذا تمام الكلام فيما يرتبط بالمقام.
__________________
(١) البيّنة : ٥.
(٢) يوسف : ٧٢.